للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا هدأت العيون في جوف الليل يقول:

[الوافر]

إلى كم أنت في بحر الخطايا ... تبارز من يراك ولا تراه

وسمتك سمت ذي ورع وزهد ... وفعلك فعل متّبع هواه

أيا من بات مرتكب المعاصي ... وعين الله شاهدة تراه

أتطمع أن تنال العفو ممن ... عصيت وأنت لم تبلغ رضاه

فتب قبل الممات وقبل يوم ... يلاقي العبد ما كسبت يداه

وكان بمرسى أنشلة شيخ يختلف إلى المنستير في كلّ عام، فإذا رجع مرّ بالجبنياني فيقول له: أخوك أبو الحسن الكانشى يقرئك السّلام، فيقول له أبو إسحاق: أنت في ثغر فأولى بك سدّ ثغرك، فلا تدعه وتمشي إلى المنستير، قال: فأتاه مرّة فقال له مثل ذلك، فقال له الرّجل: قد عرفت بما قلت لي أبا الحسن، فقال: قل لأبي إسحاق: انتهاني عن ذلك وأنت تعرف أنّ المنستير باب من أبواب الجنّة؟ فقال أبو إسحاق: قل له: يا أبا الحسن قد جاء في الخبر أن ما بين مصراعي باب الجنّة كما بين المشرق والمغرب (١٤٧)، فنحن إن شاء الله تعالى بين مصراعي الباب، ليس المنستير وحدها مخصوصة بذلك.

ومن خاصة إخوانه الذين يزورهم سيدي مروان، وهو الشّيخ الصّالح، كان يسكن بشريانة (١٤٨) إلى جانب سوق بدرنة، وكان مشتهرا بالعبادة فهلكت له إبنة، فصلّى عليها الشّيخ أبو إسحاق، فانصرف كلّ من بالسّوق إلى الصّلاة خلفه، وكان معه كبار الموضع وغيرهم (١٤٩) / ممّن على السّنّة (١٥٠)، فرفع الأمر إلى السلطان معد، واشتهرت عنده (١٥١) المسألة، وقيل [له] (١٥٢) إنه مطاع (١٥٣)، فأمر بالبريد فخرجت لتأتي به،


(١٤٧) جاء في الحديث: «إنّ ما بين مصراعين في الجنّة مسيرة أربعين سنة، ذكره السيوطي في الجامع الصّغير ورمز لحسنه وذكر أنّه أخرجه الإمام أحمد في المسند وأبو يعلى في مسنده عن أبي سعيد الخدري» (أنظر فيض القدير للمناوي ٢/ ٥١٩).
(١٤٨) بكسر الشين المعجمة وسكون الراء المهملة وفتح النون، من قرى صفاقس من الناحية الشرقية.
(١٤٩) في الأصول: «وغيره».
(١٥٠) في المناقب: «الإسلام». ص: ٣٦.
(١٥١) كذا في ش والمناقب، وفي ت: «عنه».
(١٥٢) إضافة من المناقب ص: ٣٦.
(١٥٣) كذا في ش والمناقب، وفي ت: «استغاض».