للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتركني أخطب موضعك وأصلّي حتى أسمعه ما يلزمه، فأبى عليه طلبا للعشرة.

قال الشّيخ أبو عبد الله محمّد الشقانسي: كان الشّيخ الفقيه الورفلي (٤٨٠) من أهل قابس ينزل عنده الشّيخ العبيدلي إذا مشى للحجّ، فتولّى بعد ذلك الورفلي (٤٨٠) قضاء القيروان فلم يصل إليه، فطلب هو أن يصل إلى الشّيخ فأبى عليه، فبعث له في ذلك، فقال للرسول: قل له لكونك قاضيا، فأجابه انّي إنما تولّيت مكرها / وحلف له على ذلك، فقال للرسول: قل له اعمل الحق تعزل، فعمل الحق، وضرب نائب القائد بموجب شرعي وقائده إبن أبي الرّبيع، فتركه القائد إلى يوم الجمعة، وفزع عليه بخدامه، وهرب خدّام القاضي وأتى له لداره، وكان يسكن قرب الجامع الأعظم بالدّار المعروفة للقضاة، فتحصّن بالجامع ودخل فيه، وأغلق بابه عليه، فسلّمه الله منه، فخرج العبيدلي بأصحابه يدعون في جبابن القيروان، وقال: لا أسكن بلدة جرى فيها هذا المنكر، وكتب الشّيخ الرماح لقاضي الجماعة وللسّلطان وللشّيخ الزبيدي وعرّف كلاّ منهم بالواقع وبخروج الشّيخ العبيدلي، وكتب القائد يعرّف السّلطان بضرب القاضي لخديمه، وكتب أيضا لقائد الاعنّة محمّد بن عبد الحكيم الذي كان يعتمد عليه، وبقي النّاس ينتظرون ما يجيء من الأمر، فجاء رسول السّلطان وأخذ القائد وكبّله ورفعه لتونس، فلمّا وصل به لقيه قائد الأعنّة المذكور فقال له: بعثناك للقيروان قائدا وأرحناك من تعب السّفر في المحلّة، فظلمت القاضي ففزعت عليه حتّى خرج العبيدلي يدعو على مولانا أبي يحيى الذي قدّمك، وأمر من معه بقتله فقتلوه بالرّماح، ثمّ جاء قائد ومعه قاض، فلمّا خرج الورفلي (٤٨٠) معزولا خرج العبيدلي وودّعه.

وحدّث أبو بكر بن يعقوب الضاعني قال: خرج العبيدلي مع جماعة من أصحابه بجبل ماكوض، جرت العادة أنّه يتعبّد به ويجتمع فيه الأولياء، وهو بالجزيرة / على شاطئ البحر، فغارت خيل عليه وعلى أصحابه فجرّدوا بعضهم، فقال للخيل: هذا الشّيخ العبيدلي فاعتذروا بأنّه (٤٨١) لا علم عندهم به، وردّوا ما أخذوا إلاّ رجلا من أصحابه قال: هذا الفارس أخذ لي سبعة دنانير ذهبا، وأنكر الفارس ذلك إنكارا كليّا وقال: نحلف، قال له الشّيخ: لا تحلف إلاّ على يدي الحاكم وليس هو ههنا ولكن الفقراء يعلّمونك دعاء تدعو به ويؤمّنون عليك مرّتين، هذا حقّهم، فقال: نعم، فقال


(٤٨٠) في ش: «الروفلي».
(٤٨١) في ط: «بأنهم».