للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتمّة ترجمة الولي إبراهيم بن يعقوب: صيد عقارب:

ولنرجع إلى الكلام على الشيخ سيدي إبراهيم بن يعقوب المقصود هنا، فنقول: إنّه كما قدّمنا أصله من البادية، قدم به أبوه من المغرب في أحياء من قومه متوجّهين لإفريقية لقحط أصاب بلدهم، فنزلوا على زروع سيدي حراث فأصابوا منها، فأتاهم وأمرهم بالرّحيل عنها، فأبوا فدعا (٤٩٣) عليهم بواد (٤٩٤) يرفعهم، فاستجاب الله دعاءه فلم يمض جزء من اللّيل إلاّ وقد دهمهم واد (٤٩٤) فأعجلهم عن تحميل مراحيلهم، فأخذ يعقوب أبو سيدي إبراهيم بعيرا فحمله وأخويه عليه، وسيّره على غير مسيل الوادي، ورجع لفرسه وزوجه وبقية أثاثه فحملهم الوادي جميعا فلم يظهر لهم أثر، وسيدي إبراهيم لمّا أصبح الصّبح رجع في طلب أبويه، وترك أخويه على البعير، فذهب البعير بهما إلى السّواسي، ولمّا لم يجد سيدي إبراهيم أبويه ولا عرف أين ذهب البعير بأخويه بقي منفردا محتارا في أمره، فتلقّاه الشّيخ عامر بن جامع، فأخذه وسأله عن حاله، فأخبره بقصّتهم، فقال له: لا بأس عليك، أنا أجعلك من جملة أولادي، فأتى به أهله وعرّف زوجته أمره، فقبلته وتحنّنت عليه / مع جملة بنيها وأكرمت مثواه، وكان رجلا من شجعان العرب ورؤسائهم من صغر سنّه، فأعطوه فرسا وسلاحا على عادة شجعان العرب، وكانوا يخافون عليه من حروب العرب. فاتفق أن اقتتلت (٤٩٥) قبائل العرب فيما بينهم في وادران ويسمّونه شعاب الفرانس، فاستدعى (٤٩٦) سيدي إبراهيم خمسة من رفقائه وذهب بهم إلى موضع الوقيعة، فوجدوا عروسا مهيّأة لدخول زوجها عليها، فلمّا وقعت الواقعة بقيت بناحية، وكان أبوها رجلا صالحا، فلمّا رأت سيدي إبراهيم طلبت منه أن يحفظها حتّى يأتي أبوها، فأخذها بنيّة حفظها وأن لا يصل إليها بسوء، هو ولا أحد من النّاس، عناية من الله تعالى، فبعد مدّة جاء أبوها متطلّبا أثرها، فقال: هذه بنت عندي فانظر فإن كانت لك خذها وإلاّ فاتركها إلى أن يجيئها أبوها، فلمّا رأت أباها عرفته، فتسلّمها منه، وحملها له سيدي إبراهيم على بعير في هودج على صورة العروس، وركب معها هو وستون من قوم إبن جامع إكراما لأبيها، واستصحب فارسين من غير


(٤٩٣) في ش: «فدعى».
(٤٩٤) السّيل الجارف.
(٤٩٥) في الأصول: «اقتتل».
(٤٩٦) في الأصول: «استدعا».