للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خواص الشيخ ومن فقراء زاويته، وهو بزاويته بطبلبة من عمل المهدية (٥٤٧) في بحر كبير، وناس يأكلون عليه (٥٤٨) ويقرؤون القرآن، وكثيرا ما يعين زاوية شيخه الجديدي بالطعام الكثير وخصوصا عند الحاجة، وكلّ من يرد عليه من جميع الناس يضيّفه ويعلّف (٥٤٩) له، ولو ضافته محلّة السّلطان وعربها لقام بها، وكلّما يكتب للسّلطان في حاجة فغالب الحال أنّها تقضى، وكلّ من (٥٥٠) يهرب (٥٥١) إليه من قوّاد السّلطان وشيوخ العرب وصل للأمان ويكتب فيهم فيجيبه الجواب بما يريد.

وكذلك الشّيخ أبو بكر القرقوري بصفاقس كان من تلامذته، وقرأ العلم بالقيروان على الشّيخ الشبيبي، وسلك طريق الشّيخ الجديدي في زاويته قال: ففيها خلق من النّاس، وزاد بأنّه يعمل الميعاد في مسجد الشّيخ أبي الحسن علي الربعي المعروف باللّخمي، لأنّه فقيه عارف موفّق للجواب، فجميع تلك الأوطان والعمالات عامرة بفقرائهم وطلبتهم، والجميع حسنة من حسنات الشّيخ الجديدي نفع الله / الجميع به.

قال: وحدّثني الشّيخ الصّالح أبو علي سالم بن أبي القاسم القرشي يعرف بالقاسمي عمّن حدّثه قال: خرج أبو بكر القرقوري هذا وعبد العزيز بن عيّاش ومحمّد بن زيد وغيرهم في حال صغرهم خارج القيروان لتفريج خواطرهم، وكان معهم الشّيخ الجديدي، فأخذوا يمزحون ويلعبون، فقال لهم الشّيخ الجديدي: أنا نحكم بينكم، فأنت يا أبا بكر ولّيتك قيادة صفاقس وعملها فقف بمن معك، وأنت يا عبد العزيز فقد ولّيتك المهدية (٥٥٢) وعملها فقف بمن معك، (وأنت يا محمّد بن زيد فقد ولّيتك قيادة المنستير وعملها فقف بمن معك) (٥٥٣) ولم يتفطّنوا حينئذ لما قال، فتبيّن بعد أنّ كلّ واحد منهم هو شيخ ما حوله.

ولم نقف للشيخ أبي بكر القرقوري (٥٥٤) على وفاة لكن تؤخذ تقريبا وفاته من وفاة أشياخه، وقد كانوا أواخر القرن الثّامن.


(٥٤٧) هي الآن من ولاية المنستير.
(٥٤٨) تعبير عامي يريد به: «يأكلون على نفقته».
(٥٤٩) دابّته.
(٥٥٠) في ش: «كلما».
(٥٥١) في ب: «يعرف».
(٥٥٢) في بقيّة الأصول: «المنستير».
(٥٥٣) ما بين القوسين ساقط من بقية الأصول.
(٥٥٤) الشّيخ أبو بكر القرقوري له ترجمة قصيرة في معالم الإيمان ضمن ترجمة أبي الحسن اللخمي.