للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لحمها بلطف بحيث لم يظهر تغيرها وألقاها خاوية في وسط الماء، ولم يدر أحد بما جعل، وجعل مكان إستخراج لحمها غامرا في الماء حتّى صار الظاهر صورة نارنجة صحيحة، ثمّ استدعى العدول وجعل يسألهم واحدا بعد واحد، هل هي أترجة أو نارنجة، فكلّ قال بحسب ما غلب على ظنّه، وكتب شهادتهم على ما صمّم عليه، ثمّ استدعى الشّيخ عبيد - رحمه الله - فسأله كما سأل غيره، فأخذ مئزرا وفسخ ثيابه، فقال له السّلطان: ما لك؟ فقال: أنزل الماء، وآخذها في يدي فإذا تحقّقت شيئا أجبتك به، فقال له: كان يسعك ما وسع غيرك من إخوانك العدول، فقال: لا يكفي الأخذ بالظّنّ مع إمكان اليقين، فلمّا أخرجها من الماء فإذا هي قشر فارغ، فقال: هذا قشر نارنجة فارغ، فقال لمن لامه في رفع قدره: أتلومني في رفع قدر مثل هذا؟

وكان تفقّه أوّلا بأهل بلده، ثمّ انتقل لتونس وتفقّه على فقهاء عصره فاشتهر بالفضل والعدالة، وأخذ عنه أهل بلده في بلده وغيرهم في غيرها.

وممّن أخذ عنه من أهل صفاقس الشّيخ أبو الحسن الكراي قيل إنّه سأله الشّيخ أبو الحسن قراءة صغرى الشّيخ السنوسي في آخر أمر الشّيخ عبيد، فاعتذر بعدم خلوّ الوقت لاشتغاله بوقائع النّاس، فصار الشّيخ أبو الحسن يأتيه كلّ ليلة وقت صلاة العشاء فسأله على عقيدة / من غير ترتيب ولا كتاب، فتارة من الآخر وتارة من الوسط، وتارة من الأول، فيجيبه عن كلّ مسألة بما تستحقّه، فلمّا كمل الكتاب قال له: يا شيخ أبا الحسن ختمت الكتاب وهذه آخر مسألة منه من غير درس ولا حضور كتاب.

وكانت وفاته - رحمه الله - بربيع الثّاني من شهور سنة ستّ وخمسين وألف (٦٦٥)، وقبره بالقرب من ضريح الشّيخ اللّخمي في جهة الغرب والجنوب، وعلى قبره سيف من رخام عليه التّعريف به وتاريخ وفاته - رحمه الله تعالى -.

[ترجمة الولي منصور الغلام]

ومن أولياء الله تعالى العارفين بالله سيدي منصور الغلام (٦٦٦) ذو الكرامات المشهورة والفضائل المأثورة.


(٦٦٥) ماي - جوان ١٦٤٦ م.
(٦٦٦) لعل المقصود بالغلام الأسود اللون، والزّنوج يحتفلون به إلى الآن في الخريف.