للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالجهة الغربية من المقبرة، وبعضهم يقول: بالجهة الشرقية، فجاء الرخيص (٧١٩) خديمه وقال: كنت يوما مع الشّيخ بسانيته التي أحدثها قرب سور البلد وقال: ههنا إن شاء الله (٧٢٣) التّربة، فأراهم المكان الذي عيّنه له الشّيخ فدفنوه به، ثمّ جمع أهل الفضل ما تيسّر من الدّراهم وبنوا عليه قبّة، فالنّاس يتبرّكون به.

وكان شيخا نقيّ الثّياب، حسن الهيئة، جميل الذات، حسن الخلق، من رآه أحبّه، لا يفتر عن ذكر الله - رحمه الله تعالى -.

ومن أعجب ما رأيت من بركاته فكمل فيه اعتقادي، أنّي كنت زمن المصيف بالحريم في البساتين (٧٢٤) على عادة أهل البلد، فلمّا فرغ المصيف عملنا على الرّجوع إلى المدينة فقلنا: ننزل ليلا نبيت عند الشّيخ الوحيشي وندخل صبحا محافظة على ستر الحريم، فأخذنا مفتاح الرّوضة من حفيظها ونزلنا بالحريم ليلا، فلمّا وصلنا للرّوضة فتحنا الباب الأوّل وأدخلنا المفتاح في الباب الثّاني وحاولنا انفتاحه فلم ينفتح، وعالجناه نحو ساعة، فلمّا لم يتيسّر فتحه تركنا (٧٢٥) المفتاح في الباب، وقلنا: لعلّ الشّيخ لم يرد دخولنا، وانكسرت قلوبنا، وحصل لنا حزن، فبينما نحن كذلك وإذا بطائر لطيف دار على المفتاح مرّتين أو ثلاث، فلمّا رأينا ذلك استبشرنا وقلنا: قد حصل الإذن من الشّيخ بالدّخول، فتقدّمت (٧٢٦) للمفتاح فأدرناه مرّة واحدة فانفتح الباب، فعلمنا أنّ العسر مقرون باليسر كما قال جلّ ثناؤه {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (٧٢٧) الآية، فدخلنا وحصل لنا بذلك غاية / السّرور والفرح لحصول العناية من الشّيخ.

ولمّا كان ثامن عشر ربيع الثاني بعد صلاة الجمعة من سنة ثمان وألف ومائتين (٧٢٨) إجتمعت بالشّيخ أبي العبّاس أحمد بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي العباس أحمد بن سيدي سعيد الوحيشي وبيده كم (٧٢٩) من (٧٣٠) ظهير من سلاطين تونس من العساكر


(٧٢٣) ساقطة من ط وش.
(٧٢٤) ما يعرف بين أهل صفاقس بالجنان، وبه المسكن الصّيفي الذي يسمّى البرج، والجنان يتكوّن من شتّى أنواع الأشجار المثمرة، وقد تطوّر البرج خلال القرن التّاسع عشر، فأصبح مسكنا لطيلة السّنة وأخذت الأجنّة والأبراج تضمحلّ في الوقت الحاضر نتيجة التضخّم العمراني وايثار الناس السكنى في مساكن من نوع الفيلا.
(٧٢٥) في بقية الأصول: «فلم يتيسر لنا فتحه فتركنا».
(٧٢٦) في بقية الأصول: «فتقدمنا».
(٧٢٧) سورة الشرح: ٦.
(٧٢٨) ٢٣ نوفمبر ١٧٩٣ م.
(٧٢٩) ساقطة من ب.
(٧٣٠) ساقطة من ط.