للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّلطان / نهبوا أتباعه وسجنوهم، وسلّم الله الشّيخ فأقام زمنا مشتغلا بالعلم، فلمّا ظهر خبره (٧٦٨) إعتقده أهل الخير وعرّفوا السّلطان أنّه من الصّالحين، ولم يكن قصده في بلده إلاّ الذّبّ عن المسلمين بالعلم والجهاد على سنّة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم فلمّا تحقّق السّلطان الأمر علم أنّ السّاعي كان حاسدا وعفا عن الشّيخ وأمره بالرّجوع لوطنه، وإظهار السّنّة وقمع البدعة، وإن عارضه معارض كاتب السّلطان بذلك، فرجع لوطنه محبورا مسرورا، فبذل جهده في نفع الخلق بقدر الإستطاعة، فكثرت أتباعه وشاع وانتشر فضله، فنصر الدّين ونصره الله وثبت قدمه وجاهد في الله حقّ جهاده فهداه الله لسبل الخيرات {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ)} (٧٦٩) {وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا} (٧٧٠).

وكان - رحمه الله - زاهدا في جميع المناصب لقول القطب الشيرازي (٧٧١):

«المناصب مصائب والولايات بليّات».

وهو - رحمه الله تعالى - صاحب وقت القرن الثاني عشر بوطن صفاقس، فأحبى الله به رسوم العلم بهذا الوطن بعد اندراسها، وأظهر على يديه التّعاليم بعد انطماسها، فتفقّه به جملة خلائق من جميع الأوطان (٧٧٢) كالشّيخ سيدي محمد إبن المؤدّب الشّرفي، والشّيخ أبي الحسن علي التميمي شهر المؤخّر (٧٧٣)، والشّيخ أبي عبد الله محمد المكّي، والشّيخ أبي الحسن سيدي علي بن خليفة (٧٧٤) المساكني (والشّيخ أبي عبد الله محمّد الغراب والشّيخ أبي علي / حسين الشرفي) (٧٧٥)، والشّيخ أبي عبد الله السيالة (٧٧٦)،


(٧٦٨) في بقية الأصول: «خيره».
(٧٦٩) سورة محمّد: ٧، وما بين القوسين ساقط من بقية الأصول.
(٧٧٠) سورة العنكبوت: ٦٩.
(٧٧١) محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي، قطب الدين الشيرازي، من بحور العلم، مفسّر عالم بالعقليات، صاحب تآليف كثيرة في التفسير، والطّبّ، والتّصوّف، والبلاغة، والفلسفة، والهيئة، وأصول الفقه، توفي سنة ٧١٠/ ١٣١١. أنظر الإعلام ٧/ ١٨٧ - ١٨٨.
(٧٧٢) يقصد من البلدان وكلمة وطن غير مستعملة في معناها المعروف الآن وإنما هي مستعملة في معنى مسقط الرأس وبلدة الميلاد.
(٧٧٣) ولقبه الأصلي: «المقدم»، وشهر بالمؤخر.
(٧٧٤) بصفة التّصغير.
(٧٧٥) ما بين القوسين ساقط من ط.
(٧٧٦) في ش: «السيالا» والمعروف في رسمها: «السيالة»، بالهاء بعد اللام.