للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّه قال له: لمّا عزمت على السّفر إلى الحجّ ودّعت الشّيخ فناولني كتابا وقال: أحمله معك إلى مدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلمّا خرجت من عنده نظرت في الكتاب فإذا هو مختوم ولا عنوان عليه، فقلت: لعلّه نسي فعرّفته، فقال: إنّ صاحبه يأتيك طالبه منك، قال: فلمّا وصلنا لمدينة الرّسول صلّى الله عليه وسلم فإذا برجل يسلّم عليّ ويقول: كيف حال الشّيخ علي؟ وسألني عن الشّيخ، فأخبرته بأنّه على أحسن الأحوال، فطلب منّي المكتوب فأعطيته إيّاه، ثمّ سألته: بالله من أين عرفته، أمن الحجّ أو من الجامع الأزهر حين كان يقرأ به؟ فقال: لا والله لا (٨٠٤) كان ذا ولا ذاك، إنما أرواحنا تجتمع.

وأخبرني أيضا والشّيخ العدل العابد ملازم الصّوم والذّكر والتّلاوة ودروس (٨٠٥) العلم النّافع الحاج الأبر سيدي الحاج عبد السّلام الغراب أنّهما قالا: لمّا كان الشّيخ النّوري يفتي بتحريم الدّخان مشيا على قول الشّيخ اللقاني (٨٠٦) وغيره بذلك وحكم السّلطان محمّد العثماني - رحمه الله بذلك - وكان جميع أتباعه على رأيه حتى صار عنده كالمتحقّق (٨٠٧) على تحريمه ومنع من إظهار شربه، وكلّ من ظهر عليه وبّخه على فعله وأغلظ عليه، فاتّفق أن قدم السّلطان رمضان باي حاكم تونس في التّاريخ / ونزل بدار القفّال في رأس (٨٠٨) زقاق الذهب (٨٠٩) ممّا يلي سور البلد، وعرضت للشّيخ حاجة فوجّه في قضائها بعض تلاميذه فلمّا وصل الدّار وجد الحاجب واقفا بالباب وهو يشرب الدّخان، فوقف التّلميذ ساكتا، فلمّا فرغ من شرب الدّخان قال التّلميذ: السّلام عليكم الآن، فقال له الحاجب: ما هذا؟ قال: إنّ السّلام لا يجوز عليك إلاّ الآن لتلبّسك أوّلا بالمعصية، فعرّف الحاجب السّلطان بما وقع، فأدخل التّلميذ وقضيت حاجته، وسأله عمّا قاله للحاجب، فعرّفه بذلك وأنّ الدّخان حرام لأنّ الشّيخ متمسّك بتحريمه، فلمّا


(٨٠٤) ساقطة من ب وش.
(٨٠٥) في ط وت: «درس».
(٨٠٦) هناك إبراهيم بن محمّد اللقاني الفقيه المحدّث (ت. سنة ٨٨٩/ ١٤٨٤، وليس له مؤلّفات أنظر شجرة النّور ٢٥٨) وهناك إبراهيم بن إبراهيم بن حسن اللقاني (ت. سنة ١٠٤١/ ١٦٣١ - ١٦٣٢) له مؤلّفات من أشهرها: «جوهرة التّوحيد»، وهي منظومة في العقائد، واللقاني نسبة إلى لقانة من البحيرة بمصر، ولعلّه المقصود لأنّ الدّخان ظهر في القرن العاشر (أنظر الإعلام ١/ ٢٨) ولأنّ معاصره علي الأجهوري (ت.١٠٦٦/ ١٦٥٥ - ١٦٥٦) يقول بحلية شرب الدّخان.
(٨٠٧) في بقية الأصول: «المتفق».
(٨٠٨) في ط وت: «برأس».
(٨٠٩) يعرف اليوم بنهج الشّيخ التّجاني.