للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما معه، فأوصله للفقهاء ورضوا بما والاه (٢٤) السلطان عليه من مشيخة الجامع الأزهر، فكان كذلك إلى وفاته - رحمه الله تعالى -.

ثمّ إنّ الشّيخ الفراتي بعد انقضاء خمس سنين أخذ الإجازات من مشايخه وحجّ حجّة الفريضة وجاور بالحرم الشّريف يقرأ الحديث بالمسجد النّبوي مدّة، ثمّ رجع إلى صفاقس فوجد الشّيخ النّوري سبقه فيها بأربعة عشر عاما، فوجده مجتهدا في طلب العلم، فأعانه على ذلك، وكثرت دروسه حتّى بلغت ثمانية عشر دولة، واشتغل بالعلم في ابن صيّود المقام المشهور. /

ولمّا قدم إبراهيم الشّريف لصفاقس عند توجّهه (٢٥) لقتال طرابلس - حسبما مرّ - قصد إلى زيارة (٢٦) الشّيخ النّوري بزاويته، فزار الشّيخ والتمس صالح دعائه فدعا له بالتّوفيق والهداية، ولمّا سمع الشّيخ الفراتي جاء إلى زاوية الشّيخ النّوري، فقام له الشّيخ (٢٧) إجلالا وقام السّلطان لقيامه وسلّم عليه، فقال الشّيخ النّوري للسّلطان: هذا رجل صالح من طلبة العلم، إغتنم بركة دعائه فدعا له الشّيخ الفراتي، ثمّ قال إبراهيم الشّريف للشّيخ النوري: تمنّ ما شئت، فامتنع، فألحّ عليه، فقال: إن كان ولا بدّ فتولية (٢٨) هذا الشّيخ إمامة المسجد الأعظم لأنّ إمامه عجز لكبر سنّه، وكان أئمته قبل ذلك المشايخ الشّرفيين، فقال له السّلطان: إن كان ولا بدّ فلتكن (٢٩) أنت إماما، فاعتذر بعدم القدرة على ذلك، فكتب للشّيخ الفراتي ظهيرا بذلك مشتملا على القيام بمصالح المسجد وولاّه الفتوى، فصار خطيبا إماما مدرّسا بالمسجد الأعظم مفتيا.

وتفقّه عليه جماعة فأخذوا عنه كما أخذوا عن الشّيخ النّوري، فمن أعظمهم الشّيخ سيدي محمد إبن المؤدّب [الشرفي] وكان محبّا له غاية فجعله خليفة عنه في الإمامة والخطبة وامتدحه بقصيدة وهي هذه:


(٢٤) في ط: «أولاه».
(٢٥) في بقية الأصول: «لتوجهه».
(٢٦) في بقية الأصول: «قصد زيارة».
(٢٧) في بقية الأصول: «الشيخ النوري».
(٢٨) في ط: «فتولى»، وفي ب: «فولى».
(٢٩) في بقية الأصول: «فكن».