للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - التحليل والتحريم حق لله وحده]

وإذا كان اليهود والنصارى وأهل الجاهلية قد حرموا على أنفسهم ما لم يحرمه الله تعالى عليهم، فلا بد للمسلم أن يعتقد أن التحليل والتحريم حق الله وحده، وأنه ليس لأحد من البشر مهما كانت منزلته أو علت درجته أن يحل حرامًا أو يحرم حلالًا، فالتحليل والتحريم حق لله وحده.

قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: ١١٦].

وقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: ٥٩].

وطاعة الحكام أو العلماء في تحليل ما حرم الله تعالى، أو تحريم ما أحل الله، عبادة لهم من دون الله، كما ذكر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم حين قال لما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية [التوبة: ٣١].

قال: إنهم لم يعبدوهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم». وعن سلمان وابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه، فلا تتكلفوه» (١).


(١) ابن الأثير، جامع الأصول في أحاديث الرسول، مع تخريج الحديث وافيا لمحقق الكتاب عبد القادر الأرناؤوط وذكر أن الترمذي وابن ماجه أخرجه وقد حسنه بعد بحث طويل كما في هامش ص ٥٦٨ - ٥٦٩ ج ١٠ حديث رقم ٨١٣٤ وقد حسنه الألباني والترمذي وابن ماجه والحاكم من طريق سليمان كما في صحيح الجامع الصغير ج ٣ ص ١٠٢ رقم ٣١٩٠ وذكره الهيثمي بلفظ آخر عن البزار والطبراني في الكبير من رواية أبي الدرداء. ثم قال: «إسناده حسن، ورجاله موثوقون» الزوائد ج ١ ص ١٧١.

<<  <   >  >>