للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرَّم علينا، وأحللنا ما حلَّ لنا، فعدا علينا قومنا، فعذَّبونا، وفتنونا على ديننا، ليردّونا إلى عبادة الأوثان، وأن نستحلّ ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا (١) وحالوا بيننا وبين قومنا خرجنا إلى بلدك، فاخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا تظلم عندم أيها الملك.

قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله عز وجل شيء؟ قالت: فقال له جعفر: نعم، قال: اقرأه عليّ، فققرأ عليه صدراً من (كهيعص) (٢) فبكى والله النجاشي، حتى أخضل لحيته (٣) وبكت أساقفته، حتى أخضلوا مصاحفهم. ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاةٍ واحدة، انطلقا، فو الله لا أسلمهم إليكم أبداً.

قالت: فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص: والله لآتينه غداً أعيبهم عنده بما أستأصل به خضراءهم. فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا: لا تفعل إن لهم أرحاماً، فقال: والله لأخبرَّنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد.

قالت: ثم غدا عليه من الغد فقال له: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً، فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه. قالت: فأرسل إليهم يسألهم عنه. فقالت: ولم ينزل بنا مثلها، فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله فيه ما قال فيه الله عز وجل، وما جاء به نبينا، كائن في ذلك ما هو كائن.


(١) أثقلوا، من المشقة وهي الشدة.
(٢) هي سورة مريم.
(٣) بلَّلها بالدموع.

<<  <   >  >>