للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالحديد، وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيباً، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحلّ، قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين فتركوه، فركع ركعتين، وقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت، اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً (١)، ولا تبق منهم أحداً".

وقال:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً ... على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلوٍ ممزع (٢)

ثم قام إليه أبو سروعه عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب هو سنَّ لكل مسلمٍ قتل صبراً (٣) الصلاة.

وأبو سروعة أسلم وروى الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخرج له البخاري في الصحيح ثلاثة أحاديث.

وقال سعيد بن عامر بن حذيم: شهدت مصرع خبيب، وقد بضعت قريش لحمه، ثم حملوه على جذعه (٤) فقالوا: أتحب أن محمداً مكانك؟ فقال: والله ما أحب أني في أهلي وولدي وأن محمداً شيك بشوكة.

وعن إبراهيم بن إسماعيل قال: أخبرني جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه وحده عيناً إلى قريش، قال: فجئت إلى خشبة خبيب وأنا


(١) بدداً: يروى بكسر الباء: جمع بدّة وهي الحصة والنصيب، أي اقتلهم حصصاً مقسمةً لكل واحد حصته ونصيبه. ويروى بفتح الباء، أي متفرقين في القتل واحداً بعد واحد.
(٢) الشلو: العضو، ممزَّع: مقطَّع ومفرقّ.
(٣) يقال: قتل فلان صبراً، أي: حبس أو أوثق حتى يقتل أو يموت.
(٤) جذع الإنسان، جسمه ما عدا الرأس واليدين والرجلين.

<<  <   >  >>