للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحيث إن هذا أمر إضافي في عبادة، والعبادات سبيلها الوقف على النص ومورده، بل هنا في أفضل الكلام (القرآن الكريم) وفي أفضل العبادات العملية (الصلاة) والمسلم مطالب بأن لا يعبد الله إلا بما شرع، فالسؤال الوارد إذاً: ما حكم التعبد بتقليد صوت القارئ هل هو مطلوب شرعاً أو غير مطلوب؟ وإذا كان مطلوباً فما دليله؟ وما منزلته من قسمي الطلب: الوجوب والندب؟ وإن لم يكن مطلوباً فما حكمه؟ وما موقعه من قسمي النهي: التحريم والكراهة؟

والجواب:

أن مجرد الصوت حسناً أو غير حسن، لم يعلق الله عليه حكماً، لا مدحاً، ولا ذماً، بل لا يجوز فيه ذمه إذا كان غير حسن، لأنه خلق الله، ولا اختيار للعبد فيه، وأن الصوت الطبيعي الحسن، نعمة على العبد، وأن النعم محن، فإن استعمله في الطاعة في قراءة كتاب الله تعالى كان ذلك أمراً مرغوباً فيه شرعاً، واستماعه مرغوب شرعاً، لا لذات الصوت لكن، لأنه يحمل كلام الله، ويحببه إلى النفوس ويوصل معانيه إلى القلوب، وأن من كان كذلك لم يمنحه الشرع حكماً مستقلاً لذات الصوت دون غيره. وأن تحريك الصوت للإنسان أمر طبعي، كما يتحرك كل إلى ما يناسبه من الأصوات وإنما التعبد أن يتحرك العبد إلى كلام الله وما فيه من العظة والعبرة، والتذكير بالمصير، وبالجنة والنار، وعظيم الحِكَم والأحكام، أما لو تحرك عند قراءة القرآن طرباً لمجرد حسن الصوت، دون ما يحمله من آيات القرآن الكريم، فهذا عشق مجرد من التعبد، لعدم ورود أمر التعبد عليه في الشرع المطهر.

وإذا استقر عندك هذا المحصول الجامع لأحكام الصوت الحسن، بقي الوقوف على حكم هذه الظاهرة الحادثة:

<<  <   >  >>