للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والضلال. سياقة الخبر في هذا المجال، بهذه الصورة، وتصوير مس القرآن لقلوب الجن هذا المس الذي يتمثل في قولهم: (أنصتوا) عندما طرق أسماعهم، يتمثل فيما حكوه لقومهم عنه، وفيما دعوهم إليه. كل هذا من شأنه أن يحرك قلوب البشر، الذي جاء القرآن لهم في الأصل وهو إيقاع مؤثر ولا شك، يلفت هذه القلوب لفتة عنيفة عميقة) (١).

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ (٢)، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأُرسلتْ عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم، قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ، وهو والله الذي حال بينكم وبين


(١) تفسير في ظلال القرآن (٦/ ٣٢٦٩) طبعة دار الشروق.
(٢) سوق عكاظ: هو موسم معروف للعرب، بل كان أعظم مواسمهم، وهو نخل في واد بين مكة والطائف وهو إلى الطائف أقرب بينهما عشرة أميال، وهو وراء قرن المنازل بمرحلة من طريق صنعاء اليمن.
قال البكري: أول ما أحدثت قبل الفيل بخمس عشرة سنة، ولم تزل سوقاً إلى سنة تسع وعشرين ومائة، فخرج الخوارج الحرورية فنهبوها فتركت إلى الآن، وكانوا يقيمون به جميع شوال يتبايعون ويتفاخرون وتنشد الشعراء ما تجدد لهم، وقد كثر ذلك في أشعارهم لقول حسان:
سأنشر إن رضيت لكم كلاماً ... ينشر في المجامع من عكاظ. راجع فتح الباري (٨/ ٥٣٩).

<<  <   >  >>