للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف يفهم المسلم كتاب ربه، ويتدبره وهو لا يعرف قواعد اللغة العربية، ولا يميز بين الاسم والفعل والحرف، ولا الفاعل من المفعول، وغيرها مما يتوقف عليه فهم الخطاب، فمثلاً كيف يفهم قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (١٢٤) سورة البقرة. أو قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (٢٨) سورة فاطر

رابعاً: عدم التخلي عن موانع الفهم

(وموانع الفهم كثيرة منها:

١ - أن يكون الهم منصرفاً إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها، وعدم التفكر في معاني كلام الله - عز وجل -، بحيث يحرص كل الحرص على ترديد الحرف وتكراره وذلك لأن الشيطان يخيل إليه أنه لم يخرج الحرف من مخرجه، ولم يعطه حقه في النطق.

٢ - أن يكون المسلم مقلداً لمذهب سمعه بالتقليد وجمد عليه، وثبت في نفسه التعصب له بمجرد الاتباع للمسموع من غير وصول إليه ببصيرة ومشاهدة، فهذا إن سمع تفسيراً للآية غير ما سمع، إذا به يرده من غير تردد: مثل مَنْ عرف أن تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٥) سورة طه. أن معنى: {اسْتَوَى} استولى. واستقر ذلك في نفسه حتى صار عقيدة راسخة له، فإذا به لو عرف بعد ذلك أن معنى: {اسْتَوَى} ليس استولى وأنه خلاف الحق والصواب الذي عليه جمهور السلف الصالح، وأن معناها الحقيقي: استقر وعلا وارتفع، فإذ به يرد هذا المعنى الحق، ولا يقبله، وأحياناً يعادي ويبغض من يدعو إليه.

<<  <   >  >>