للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال سفيان يتأول قوله جل وعز {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}.

وروي عن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - أنه كان يشتري أعدالاً من السكر ويتصدق بها. فقيل له: هلا تصدقت بقيمتها؟ فقال: لأن السكر أحب إليَّ فأردت أن أنفق مما أحب.

وقال الحسن: إنكم لن تنالوا ما تحبون إلا بترك ما تشتهون، ولا تدركون ما تؤملون إلا بالصبر على ما تكرهون). (١)

[٤ - أبو الدحداح والعذق الرداح]

روى الإمام أحمد في مسنده من طريقه أنه لما نزل قول الله تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٢٤٥) سورة البقرة قال أبوالدحداح: يا رسول الله!، وإن الله يريد منا القرض؟ قال: " نعم يا أبا الدحداح ". قال: أرني يدك يا رسول الله!. فناوله يده. قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي (بستان) فيه ستمائة نخلة.

وأم الدحداح فيه وعيالها، فجاء أبوالدحداح فنادها: يا أم الدحداح. قالت: لبيك. قال: أخرجي فقد أقرضته ربي - عز وجل -. قالت: ربح بيعك يا أبا الدحداح!. ونقلت منه متاعها وصيبانها. وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " كم من عذق رَدَاح (٢) في الجنة لأبي الدحداح " (٣).

فانظر - رحمنا الله وإياك - كيف استقرت الآخرة في قلوبهم، فهانت عندهم الدنيا، يسمع أبوالدحداح الآية فيتصدق بستمائة نخلة.


(١) تفسير القرطبي (٤/ ١٢٨).
(٢) عذقٌ رَدَاحٌ يعني: النخلة العظيمة بحملها. لسان العرب (٢/ ٤٤٧) طبعة دار الفكر.
(٣) رواه أحمد في المسند (٣/ ٣٤٦) وابن أبي حاتم.

<<  <   >  >>