للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخضوع والتذلل للرب سبحانه، بل منع الدعاء من جنس ترك الأعمال الصالحة اتكالاً على ما قدر، فيلزم ترك العمل جملة، ورَدُّ البلاء بالدعاء كرد السهم بالقوس، وليس من شروط الإيمان بالقدر أن لا يتترس من رمي بالسهم، والله أعلم).

سادساً: القرآن علاج وشفاء:

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله:

(قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (٨٢) سورة الإسراء والصحيح: أن (من) هاهنا، لبيان الجنس لا للتبعيض، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (٥٧) سورة يونس.

فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وما كل أحد يُؤهَّل يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداءُ أبداً.

وكيف تقاوم الدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال، لَصدَعَهَا، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا في القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه). (١)

وقال ابن القيم في تعليقه على الفاتحة: (وحق لسورة تشمل على هذين الشفاءين: الأبدان والأرواح أن يستشفي بها من كل مرض. ولقد جربت ذلك في نفسي وفي غيري أموراً عجيبة، ولاسيما في مدة المقام بمكة فإنه كان يعرض لي آلامٌ مزعجة بحيث تكاد تقطع الحركة مني في الطواف فأبادر إلى قراءة الفاتحة، وأمسح بها


(١) زاد المعاد (٤/ ٣٥٢) بتصرف. طبعة الرسالة.

<<  <   >  >>