للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَغداي أو مَراحي كل يوم؟ الذي كنت آوي إليه كلّما ضربَتني أمواج الحياة فأجد الجبل المنيع الذي لا تصل هذه الأمواج لمن يأوي إليه؟ الذي عرفته في دمشق وفي لبنان وفي العراق، فما عرفت فيه إلاّ الأخ الوفي والصديق الصفي، الشاعر الراوي الكاتب البليغ الذي يكفيه أنه ساجل إمام البلاغة الزيات في قصّته «وضّاح اليمن»، فما كان أسلوبه دون أسلوب الزيات ولا بيانه أقلّ من بيانه؟ رحمه الله وجزاه عني خيراً. أما عرفتموه؟ هو الشيخ بهجة الأثري الذي سلّمني مكانه في الثانوية المركزية لمّا تبوأ كرسي كبير مفتّشي اللغة العربية في العراق، فكان لي خير سلف ولكن هل كنت له خير خلف؟ رحمه الله فما أنسى -والله- فضله عليّ.

هل أجد زملائي الذين جاؤوا العراق معي: أنور العطّار وعبد المنعم خلاّف وأحمد مَظهر العَظْمة وصالح عَقيل وكامل عيّاد وحيدر الرّكابي؟ هل أجد من جاء بعدي لمّا فارقت العراق إلى بيروت الأستاذ الدكتور زكي مبارك؟ إن من هؤلاء من بقي كما بقيت، مدّ الله في عمره وأحسن خاتمتي، ولكن أكثرهم لحق بركب الماضين (١).

هل أجد الشيوخ الأجلّة الذين جمعني بهم التدريس في دار العلوم الشرعية الملحَقة بجامع الإمام الأعظم الذي سُمّيت باسمه ونُسبت إليه مدينة الأعظمية: العالِم الغني الزاهد الشيخ أمجد الزهاوي، والعالِم الحقوقي صاحب خزانة الكتب الكبيرة الحاجّ حمدي الأعظمي، والمفتي الصالح الشيخ قاسم القيسي،


(١) ما بقي منهم إلاّ خلاّف وعياد وأنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>