للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تُعَدّ اليوم من أغنى المكتبات في ديار الإسلام. و «أنموذج الميدان»، و «أنموذج المهاجرين» التي دخلتها سنة ١٩٢١ وأُعدْت إلى الصف الخامس ثالث مرة!

ذلك أني ارتقيت إلى الصف الخامس على عهد الأتراك، ثم ارتقيت إليه مرة ثانية على عهد الحكم العربي، وهأنَذا أعود إليه على عهد الانتداب الفرنسي ... «فكأننا ما رحنا ولا جينا».

لقد ضاعت ثلاث سنوات من عمري هدراً؛ ضاعت بالمقياس الرسمي ولكنها ما ضاعت -والحمد لله- بمقياس الدين ومقياس العلم، بل لقد كانت سنوات خير وبركة، تركَت في قلبي ذخيرة من الإيمان أسأل الله أن يديمها لي وأن يزيدها وأن ينفعني بها في آخرتي، وتلقيت فيها من العلم ما لا أجد مثلَه في مناهج المدارس الرسمية، وقرأت من الكتب ما لا يقرأ مثلَه تلميذٌ في مثل سني يومئذٍ (وسأتحدث عن مطالعاتي وقراءاتي فيما يأتي من الفصول)، وإن كنت قد قرأت معها القصص التي كانت تسلية تلك الأيام: قصة عنتر، وقصة بني هلال، والملك سيف، والأميرة ذات الهمّة ... ورأيت فيها من أخبار الفروسية وأنباء البطولة ومن الأكاذيب والانحرافات ما لا مزيد عليه.

كنت في السلطانية الثانية، والشام من حولي في عرس، والناس في فرحة الوجدان بعد الحرمان والأمل بعد اليأس، نهتف للاستقلال ونملأ الجوّ بأناشيد الحماسة والفخر، نمشي -نحن تلاميذ المدارس- نهتف بالنشيد فتردّده معنا أفواه الباعة في الدكاكين والمارّة في الطرق. ثم كنت في الجقمقية في حِمى

<<  <  ج: ص:  >  >>