للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مصير الفراش في لهب النار؛ تلك تحترق فتصير رماداً وهؤلاء تأكل النار أرواحهم المؤمنة فيعودون أشباحاً بلا أرواح.

لقد درس فأعطى الدراسة حقها، ووجد في السوربون أساتذة علماء فأخذ منهم أحسن ما عندهم. وكان المنهج يومئذ أن من حصّل ثلاث شهادات (دبلومات) أو أربعاً نال الإجازة (أي الليسانس) واستعدّ للدكتوراة، ولم يكن في فرنسا يومئذ ماجستير. ولا تظنوا نيل هذه الشهادات سهلاً:

لا تحسَبِ المجدَ تمراً أنت آكلُهُ ... لن تبلغَ المجدَ حتى تلعقَ الصبرا

واقرؤوا -إن شئتم- ما كتب الدكتور طه حسين في مذكّراته عن شهادة الليسانس في فرنسا وما يقوم دونها من الصعاب.

إن من الناس من يخدعهم أن المبتعَث يعود إلى دينه أول أيام بعثته، فإن لم يكن يصلّي في بلده صلّى هناك وإن لم يكن متمسكاً بالعبادة تمسّك بها. ولكن هذا ليس دليلاً على السلامة، فالمرض عندما تدخل جرثومته جسد الإنسان لا يظهر أثرها ولا تعمل عملها إلاّ بعد أن تنتهي مدة التفريخ. والمرء ما كان له مورد فإنه ينفق من مورده، من مرتّبه إن كان موظفاً ومن دخله إن كان عاملاً ومن ربحه إن كان تاجراً، فإن انقطع مورده رجع إلى ما كان قد ادّخره ليوم الضيق. وكذلك يصنع المبتعَث، يتنبّه إيمانه في نفسه حتّى يستنفد كل آثار هذا الإيمان ويخلو قلبه لتلقّي سموم حياته الجديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>