للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حملت في الشام البلاء ورأت الشدائد وشاهدت ألوان الموت، وخانها الحليف ونقض عهدَه لها القويُّ، وجرّد دبّاباته الضخمة ومدافعه وعتاده ليحارب بها النساء والأطفال والشيوخ؟

فقُم يا أيها «المعتصم» لَبِّها على «الخيول البُلْق»، فإن كُتّاب التاريخ أعدّوا صحفهم وأمسكوا بأقلامهم ليكتبوا المفخرة مرّة ثانية لجيش العراق، جيش العرب، جيش المسلمين ...

(والمقالة طويلة، إلى أن قلت فيها): إن القصر الذي كان يسكنه أبوك ملكاً والذي كنت تلهو في حدائقه طفلاً، والذي كان في حيّنا وكان مجاوراً لبيت عمّي، وكنت أراك فيه طفلاً وأرى عمّك الشابّ، الأمير زيداً ... صار اليوم مقرّ عدوّ العرب، منه يصدر الأمر بتقتيل رجالهم ونسائهم وأطفالهم، يسكنه اليوم مَن بغى على فيصل (ابن الحسين) وسرق منه عرشه. فأنقذ -يا ابن فيصل- البلدَ الذي أوى إليه فيصل.

يا غازي، الشباب الذين سقطوا في شوارع دمشق شهداءَ البغي ماتوا وهم يهتفون باسم المنقذ المرتقب، العجائز يتلقّين أبناءهن المصرَّعين على أرض الوطن وهنّ يذكرن الله ويهتفن باسم المنقذ المرتقَب. يا غازي، كم من طفل وطفلة عدا عليهم الظالمون فتلفّتوا حولهم يفتّشون عن المنقذ المرتقب؛ رفعوا رؤوساً يسيل من جراحها الدم، وأشاروا بأصابعهم الصغيرة المخضَّبة بالدم يردّدون اسمه.

فيا غازي، يا غازي: أتدَعُ هذا الشعبَ بين براثن وحوش يعبثون بكرامته وأمجاده وحياته، وكرامتُه كرامةُ العرب، وأمجادُه

<<  <  ج: ص:  >  >>