للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجامع الكبير، وقد كنت لقيته في مصر لما كان هارباً من الفرنسيين ومقيماً فيها، وكان صديقاً لخالي محب الدين الخطيب وذلك سنة ١٩٢٨، وقد صار يوماً رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في دمشق، وكان متكلماً خطيباً جريئاً وله كتابات. ومنهم تاجر كبير في الدير من آل الهنيدي، مسكنه في الحويقة التي اتخذتُ داراً فيها على يمين السالك من الجسر الصغير على فرعَي الفرات إلى الجسر الكبير العظيم على الفرع الآخر.

* * *

أما المدرسة الثانوية التي نُقلت إليها فأذكر أنها كانت قريبة من مدخل المدينة من جهة الشام، وقد مُحيت من ذهني صورتها ولم يبقَ منها إلا بقايا، كان مديرها أستاذٌ فاضل من حلب اسمه بهجت الشهبندر، وكان معنا فيها رفيق لنا في الدراسة في مكتب عنبر كان بعدي بسنة واحدة (أي أنه كان رفيقاً للأستاذ محمود مهدي الإسطنبولي الكاتب المؤلف السلفي) هو الأستاذ أحمد عبود الفتيّح، وكان بين المدرسين رجل من دمشق مهذب كريم الخلق نسيت اسمه أحسبه صار -بعد- مفتش الرسم في المدارس الرسمية في دمشق. عرض عليّ مرة أن يصوّرني، فأخذ لوحة من الخشب وأخذ أصابع الألوان وبدأ يرسم وأنا قاعد أمامه، لم يقس طول وجهي وعرضه ولم يقدّر أبعاده ولم يرسم بقلم رصاص خطوطاً تحدد ملامحه، بل أخذ أصابع الألوان وبدأ يرسم بها رأساً، فلم تكن إلا جلستان حتى جاءت الصورة بمقاييسها وألوانها مطابقة لصورة وجهي! لا أعني أنها مثل الصورة الشمسية (الفوتوغرافية) بل أعني أنها جاءت مطابقة من غير مسوّدة ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>