للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم نسمع أن قاضياً قُتل لأنه حكم بالحقّ على واحد لم يرضَ بحكمه، لذلك كان نبأ قتل الشيخ عادل علواني نبأً رجّ دمشق رجّاً. ولست أذكر التفاصيل ولكن أتلو عليكم ما جاء في هذه القصاصات التي وجدتها بحمد الله مصادفة، وإن لم يكن لها عنوان ولا تاريخ (١).

القصاصة الأولى:

رجعت الآن من جنازة الزميل الشيخ عادل العلواني، وقعدت لأكتب هذه الكلمة وأنا لا أزال مشدوهاً مقسّم الذهن، لا أكاد أصدّق أنه مات ولا أدري ماذا أكتب عنه. ما الذي تسعه هذه الزاوية الصغيرة من إخاء عشرين سنة (كان قتله سنة ١٩٤٩)؟ ماذا أقول عن الرجل الذي عرفته رفيقاً في كلية الحقوق جنبي في المقعد إلى جنبه، ثم عرفته قاضياً في المحكمة الشرعية قاعتي مقابل قاعته، والذي رافقته أمداً يملأ حديثي عنه تأريخاً؟

إني والله لا أدري ماذا أقول فاعذروني، فإنني لا أزال في روعة الصدمة الأولى. ولقد سمعت الناعي في الهاتف يقول لي إن الشيخ عادل قُتل، فما صدّقت وحسبتها مزحة ثقيل، وما ظننت أن من الممكن أن يُقتل قاضي دمشق وسط دمشق.

غدوت أسأل فإذا الخبر صحيح، فذهبت إلى داره أدبّر أمر الجنازة، فلم أرَ في الدار إلاّ امرأة حَيْري وأطفالاً تسعة أيتاماً،


(١) انظر مقالتَي «القاضي الشهيد» و «لا نريد من يدافع عن القاتل» في الجزء الثاني من كتاب «مقالات في كلمات» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>