للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القانوني. ثم اتفقت مع طبيب كبير من أصحاب الوجدان، كان أستاذاً لنا في مكتب عنبر، هو الدكتور جودة الكيال الذي مرّ ذكره في هذه الذكريات لمّا ذهب يكمل دراسته في لوزان مع أستاذنا الآخر الدكتور يحيى الشمّاع ومع شيخ الأطبّاء الدكتور حسني سبح رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق الآن ... اتفقت مع الدكتور الكيال أن يفحص مَن أحيلُه إليه من الخُطّاب أو المخطوبات من غير أن يأخذ منهم شيئاً، تبرّع بذلك رحمة الله عليه تبرّعاً، ابتغاء لثواب الله ولكشف الكذب الذي ذمّه الله ولعن فاعليه.

فاستقام بذلك الأمر، وصار الأطبّاء يتردّدون قبل أن يمنحوا التقرير الطبي بسلامة الخاطب والمخطوبة من الأمراض، وتحقّق بذلك غرض مَن وضع هذا القانون.

وقد يقول قائل: هذه بدعة لم يعرفها السلف ولم يشترطها الفقهاء. وجوابنا عليها هو أن الوقاية خير من العلاج، وأن الاحتياط من الوقوع في الشرّ خير من دفعه بعد الوقوع فيه، وأن من الأمراض ما يسوّغ للمرأة أن تطلب الطلاق بعد إتمام العقد وبعد اللقاء الزوجي، فتنهدم بذلك أسرة ويتشرّد أعضاؤها. أفليس خيراً من هذا أن نتدارك الأمر قبل وقوعه؟

ثم إن هذا من باب المصالح المرسَلة؛ أي أن هذا الفحص الطبّي لم يأمر به الشرع ولم ينهَ عنه، فإذا تحقّقَت المصلحة فيه وأمر الحاكم المسلم به صار أمره واجباً شرعياً. وفرق ما بينه وبين الواجب الشرعي الأصلي أن ما أوجبه الله يبقى واجباً في كل زمان ومكان، وهذا الذي يأمر به الحاكم من المصالح المرسَلة يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>