للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو «يفلسفها» ويدافع عنها. وكانت النصرانيات واليهوديات من أهل الشام يلبسن قبل الحرب الأولى الملاءات الساترات كالمسلمات، وكلّ ما عندهن أنهن يكشفن الوجوه ويمشين سافرات، أذكر ذلك وأنا صغير.

وجاءت مرة وكيلةُ ثانوية البنات إلى المدرسة سافرة، فأغلقَت دمشق كلها حوانيتَها وخرج أهلوها محتجّين متظاهرين، حتى روّعوا الحكومة فأمرتها بالحجاب وأوقعَت عليها العقاب، مع أنها لم تكشف إلاّ وجهها، ومع أن أباها كان وزيراً وعالِماً جليلاً وكان أستاذاً لنا.

ومرّت الأيام. وجئت هذه المدرسة أُلقي فيها دروساً إضافية، وأنا قاضي دمشق سنة ١٩٤٩. وكان يدرّس فيها شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار، فسمعت مرة صوتاً من ساحة المدرسة فتلفّتّ أنظر من النافذة، فرأيت مشهداً ما كنت أتصور أن يكون في ملهى فضلاً عن مدرسة، وهو أن طالبات أحد الفصول (وكلّهن كبيرات بالغات) قد استلقَين على ظهورهن في درس الرياضة ورفعن أرجلهن حتى بدت أفخاذهن عن آخرها.

وكتبت في إنكار ذلك مقالة وعرضت له في أحاديث في الإذاعة، واجتمع رأي الشيخ ورأيي على أن بقاءنا في المدرسة بعد هذا لا يجوز. وكان ذلك آخر يوم من السنة المدرسية فلم أعُد إليها السنة التي بعدها.

ألقى المنتدِبون ما حملوه من الشوك في طرقنا، ثم لم يكفِهم ذلك حتى أوحى إليهم شيطانهم بما هو أدهى منه وأمرّ وأبلغ في

<<  <  ج: ص:  >  >>