للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إياه ناراً دفعه لهيبُها إلى باب المدرسة فولّى هارباً.

أما مدرس الرسم الذي لا يُنسى فهو الأستاذ عبد الوهابأبوالسعود. وما كنا نبالي الرسم ولا نُقيم له وزناً، ولا كان القائمون على التعليم يعدلونه بالعلوم الأخرى. ولكن عبد الوهاب يضطرّ جليسه أن يباليه وأن يلتفت إليه، فكيف بمن هو تلميذه؟

لقد كان أحد روّاد التمثيل الأوائل، وكانت له فرقة للمسرح والموسيقى أخوه يتولّى الجانب الموسيقي منها. وكانت تنازعه فرقة العطري، وما كان أطرفَ ما يأتي منه حين يُذكَر له هذا المنافس! فقد كان يمثّل كأنه على المسرح ويأتي بمبالغات وعجائب. ولقد رأيناه في روايات كثيرة مترجَمة عن الأدب الفرنسي ممثّلاً مجوداً على طريقة يوسف وهبي.

أمّا في الرسم فأشهد أنه فنان بارع، وهو أول من رسم (من خياله) صورة المعرّي وأبي نواس، وطُبعت وتداولها الناس، وله لوحة بارعة لسوق عكاظ كما تخيّلها. وكانت في دمشق مجلة هزلية لصحفي (حقيقي) اسمه حبيب كحالة، هي مجلة «المضحك المبكي» ينشر في كل عدد منها صورة كاريكاتورية في الموضوع الذي يشغل الناس، تبقى الأسبوع كله حديث البلد، وبطلها تاجر وجيه اسمه «أبو درويش سويد»، عبقري في ابتكار النكتة، ما رأيت له مماثلاً ولا في مصر، بلد النكتة كما يقولون.

أما اللغة الفرنسية فقد درسناها كما يدرسها الطلبة الفرنسيون في فرنسا، المناهج هي المناهج والكتب هي الكتب. وكان يعلّمنا الفرنسيةَ أول عهدنا بمكتب عنبر رجل فرنسي عجوز له لحية

<<  <  ج: ص:  >  >>