للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلم. إن العبادات لا تتبدّل ولا تتغير بتغير السياسة وتبدّل نظريات العلم.

ولكن الإسلام ليس ديناً فقط يحدّد صلة الإنسان بالله، بل هو دين وتشريع وقانون دولي وأخلاق، وهو يحدّد صلة الأفراد بعضهم ببعض، وصلة الأفراد بالدولة، وصلة الدولة بالدول الأخرى، ويرسم طريق الأخلاق والسلوك.

فالإسلام إذن ليس ديناً فقط لتنطبق عليه هذه القواعد، بل هو نظام كامل للحياة لا يشابهه دين من الأديان التي يتبعها البشر.

والعلوم الإسلامية -بناء على هذا الأساس- قسمان: قسم منها للدين فقط كالعبادات، وهذا للمسلمين وحدهم، وقسم هو من الثقافة العامّة، كَفَهْم القرآن الذي هو النصّ البياني الأوّل في اللغة العربية، ودراسة الفقه الإسلامي في المعاملات على اعتباره مصدراً تشريعياً في العالَم كلّه، قديمه وحديثه، بكثرة نظرياته الحقوقية وعُمقها، ولأن غير المسلمين من أمم أوربّا تدرسه أوفى دراسة في كلّيات الحقوق فيها وتعرف قدره، وتهتمّ بنصوص الآيات والأحاديث من الناحية البيانية، وما إلى ذلك من العلوم الإسلامية التي يجب أن يدرسها -في رأيي- المسلم من الطلاب وغير المسلم، للبيان والبلاغة، وللخلق، وللثقافة.

وهذه كلّها أمور نشترك فيها جميعاً، لأنها تراث عامّ لا يختلف فيه مسلم عن نصراني، ولأن أعلام النصارى وفصحاءهم وأهل البيان فيهم، كاليازجيين والبستانيين وفارس الخوري وبشارة الخوري الشاعر وأمثالهم، ما بلغوا هذه المنزلة في الأدب التي

<<  <  ج: ص:  >  >>