للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاللعباد، بل لأن الذي كنت أقوله لهم لم يكن يُعجِبهم؛ لم يُعجِبهم أن أقول لهم إن في الدنيا موتاً، وإن بعد الموت حساباً، وإن بعد الدنيا آخرة، لأنهم لم يكونوا يفكّرون في الآخرة ولا يُدخِلونها في حسابهم. لم يعجبهم أن أقول لهم: عودوا إلى شرع الله فهو أقوم وأقوى من شرع تيتو. لم يعجبهم أن أقول لهم إن طريق الجنّة خير من طريق النار. لم يعجبهم أن أقول لهم: استروا العورات وامنعوا المحرّمات.

لذلك أبعدوني وقالوا: لن تعود إلى الإذاعة أبداً. فأبعدهم الله وأعادني!

وبعد، فلقد أردت أن أُعِدّ لهذا المقام كلاماً غير هذا الكلام، أُعِدّ خطبة من النمط العالي من البيان، ولكن زميلاً لنا كريماً من إخواننا المصريين الكرام لَقِيَني فقال لي: إيه رأيك فيما حدث؟ فقلت: الحمد لله، اللهم أنعمت فزِدْ. فقال: إيه؟ أتفرح بزوال الوحدة؟

وفكّرتُ: هل أفرح حقاً بزوال الوحدة؟

هذا أقوى ما يحتجّون به علينا، وهي حُجّة دامغة، ولكن هل فرحنا بزوال الوحدة كرهاً بالوحدة؟ هل نحن أعداء الوحدة؟ أنا أعذُر الذي يسمع خطاب سيادة الرئيس من بعيد، وأعذر من يسمع ما تقوله إذاعة القاهرة وهو لا يعرف ماذا قاسينا من الوحدة. لقد أصغيت إلى سيادة الرئيس وهو يخطب من يومين في حشد حاشد، يظهر أنه لا يصغي إلى سيادته ولا يفهم ما يقول، لأن المحتشدين يضجّون ويصخبون في موضع الإنصات والسكون،

<<  <  ج: ص:  >  >>