للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله، الحمد لله. إننا نخطب في نور الشمس، فمَن يستطيع أن يطفئ علينا نور الشمس؟ مَن يقدر أن يسوّد علينا وجه الظهيرة؟ اللهمّ لك الحمد. {قُلِ اللهُمَّ مالِكَ المُلكِ، تؤتي المُلكَ مَن تشاءُ، وتنزِعُ المُلكَ ممَّنْ تشَاءُ، وتُعِزُّ مَن تشَاءُ، وتُذِلُّ مَن تشاءُ، بيدِكَ الخيرُ إنّكَ على كلّ شيءٍ قديرٌ}.

لقد كان اجتماع تنكز أوّل سطر في مقدّمة كتاب هذه الثورة، كان أولَ زلزال أصاب ذلك الصرح. لقد هزّ تلك الحكومة هِزّة زعزعَت أركانها، ولكن الله كفّ يدها عنّا فلم تستطع أن تؤذينا. وما بقوّتنا وقفنا في وجهها ولا بحَوْلنا، بل بحول الله وقوّته. ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

لقد كنت أنظر في وجوه الناس وأنا أتكلّم في تنكز، وأرى العيون تبرق ابتهاجاً وحماسة ودهشة وخوفاً. لقد كان يبدو عليهم كأنهم لا يصدقون أنهم يسمعون ما يسمعون؛ لقد أنسَتهم هذه السنواتُ الثلاث أن في بلدهم مَن يقول مثل هذا الكلام. نسوا من طول الأسر أيام الحرّية، نسوا بطولات أنفسهم، فجئت أذكّرهم بأنفسهم وببطولاتهم.

واستمرّت هذه الاجتماعات، ولكن شياطين المباحث والمكتب الخاصّ راحوا يعملون على هدمها. لم يهجموا علينا من أمام في وهج النهار فيضربوا ضربة السبع، بل تسلّلوا إليها من أطرافها يقرضون منها قرض الفأر. دبّوا إليها في الظلام، ولا يحبّ أن يعيش في الظلام إلاّ اللصوص والعقارب والفُسّاق والجواسيس.

فاشتدّ الضغط عليها وتفرّق العلماء من حولها، ولكنها

<<  <  ج: ص:  >  >>