للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شائعات ملأَت الجوّ وكلاماً كثيراً وتعليقات في الصحف أكثر، فمن قائل إنه شابّ يريد أن يتكلّم مؤيّداً ما قلت، وقائل إنه ناصري شرع يتكلّم رداً عليّ ونقداً للانفصال، ويدعو إلى الوحدة والعودة إلى ظِلّ جمال. واستغلّت ذلك الجرائدُ الناصرية فألّفَت قصصاً مختلفات ووضعت لها أكبر العناوين.

بِيَدي الآن عدد من جريدة «الشرق» رقمه ٤٧٣٠، صادر في ٧ جمادى الأولى سنة ١٣٨١ في رأسه عنوان كبير جداً في عرض الصفحة كلها فيه: «ذبح الشيخ الطنطاوي في داره». وتحت ذلك قصّة ملفَّقة مكذوبة لا أصل لها. وقد ورد مثلها في الجرائد الأخرى، فبعث الضبّاط إليّ يطلبون مني أن أكذّب الخبر، فقلت: وهل في تكذيبه شيء أبلغ من حياتي وأني لا أزال أعيش ما مِتّ ولا قُتلت؟ وأني كما قال المتنبي:

كمْ قد قُتِلتُ وكم قد مِتُّ عندَكمُ

ثمّ انتفضتُ فزالَ الموتُ والكفنُ

أو لعلّي حرّفت البيت أو صحّفته، فعهدي به بعيد (١).

قالوا: بل تأتي إلى الرائي حتى يراك الناس ويعلموا أنك لا تزال حياً.

ولم نكن نعرف قبل الوحدة ما الرائي (التلفزيون). فلما أدخلوه مصر جاؤوا به إلينا، وعرضت الحكومة على من شاء من موظفي المرتبة الممتازة (وكنت واحداً منهم) أن يأخذ جهازاً


(١) آخر البيت في الديوان: «فزالَ القَبرُ والكفَنُ» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>