للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس والسيارات وُدفن تحته أشهر فندق عَرَفَته دمشق، أوتيل فيكتوريا، على اسم ملكة الإنكليز العجوز.

* * *

لا تسألوني أين كنت في ذلك اليوم وأين أنا من أحداثه؟ إن جوابي ليس في مصلحتي. إنني لم أكُن في العير ولا في النفير، لا في القافلة ولا مع المقاتلة. لماذا؟ لأنني (صدّقوني) لم أكُن أدري بشيء من كل ما حدث!

ومن أين أدري وأنا أعيش بين بيتي ومدرستي، ما لي صديق أسأله ولا عندي صحيفة أقرؤها ولا كان في الدنيا إذاعة أسمعها. لذلك ذهبت إلى المدرسة كما كنت أذهب كل يوم، فلم أجد فيها أحداً فعجبت. وقُرع جرس الدخول إلى الصف فدخلت، وكنت وحدي. وجاء المدرّس لأنه لم يكُن يستطيع ألاّ يجيء، ونظر إليّ ووجهه ينطق بالازدراء لي.

أنا وعدت في مقدمة هذه الذكريات أن أقول الحقّ، أقوله بلا تزيد إن كان لي وأقوله بلا تردّد إن كان عليّ. لقد كان الحقّ مع المدرس أن ازدراني؛ كيف لا يُزدرى طالب يخالف إخوانه كلهم ويتجاهل موقف أهل بلده جميعاً؟ من يصدّق أنني لم أدرِ بشيء؟ من يصدّق؟

وخرجت أجرّ رِجلَيّ، فوجدت باب المدرسة مفتوحاً فخرجت. وكانت سوق الحميدية مغلَقة ما فيها أحد، ووصلت إلى شارع النصر (شارع جمال باشا) الذي لم يكُن في دمشق شارع غيره، فصرت في وسط اللُّجّ. بحر من الناس تلتطم أمواجه،

<<  <  ج: ص:  >  >>