للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التعليم التي بُنيت على تجارِب طويلة. ورأيتهم يقرؤون فيها ما كان يُقرَأ في مدارسنا: النحو والصرف والفقه والتجويد والحديث والتفسير. الكتب هي هي، والأساليب هي هي، والأزياء هي هي؛ لا يختلف شيء منها عمّا في مدارس الشام وعن الذي عرفناه من مدارس مصر، لا المدارس الحديثة التي دخل إليها التطوّر ونالها التبديل بل المدارس التي كانت في أوائل هذا القرن الهجري.

وليس ينقص هذه البلادَ إلاّ العلماء والدعاة إلى الله. ولو أن البلاد العربية قد أدّت أمانة تبليغ الإسلام في هذا العصر كما أدّتها من قبل حين خرج العرب من صحرائهم يحملون هذا النور، تحت رايات محمد عليه الصلاة والسلام، ينشرونه في الأرض ... لو أننا سلكنا اليوم سبيلهم ومشينا على سَنَنهم وبعثنا بالعلماء إلى أقطار الإسلام كلها لَعاد لنا مجد الماضي، ولرجعَت لنا عِزّة الجدود، ولكتبنا في التاريخ مرّة ثانية هاتيك الصفحات (١).

* * *

يسافر المرء من دمشق إلى حلب أو من القاهرة إلى أسيوط فيشكو بُعد الشقّة وطول السفر، ويقول: متى نحطّ الرحال وينتهي الترحال؟ فكيف بنا وقد سافرنا في رحلة واحدة من كراتشي في غربي القارة الهندية إلى جاكرتا في غربي جزيرة جاوة؟ رحلة لو كانت في أيام ابن بطّوطة لأكلَت من عمره سنة، ولو كانت


(١) ما سبق من هذه الحلقة من أولها إلى هنا جزء من فصل «في الملايا»، وما يأتي إلى آخرها منقول بتصرف قليل من فصل «في جاكرتا»، وكلا الفصلين منشورٌ في كتاب «في أندونيسيا» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>