للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا أحمد الله على أني كنت معلّماً ناجحاً. لا أقول ذلك عن نفسي وحدي، بل يشهد به تلاميذي على مدى إحدى وستين سنة، منذ بدأت التعليم. علّمت في المدارس الأولية في القرى والابتدائية في المدن، والمتوسطة والثانوية، وعلّمت في الجامعات، وفي أقسام الدراسات العليا فيها، وعلّمت شباناً وعلمت في مدارس البنات (وإن كنت أستغفر الله ممّا فعلت ولا أُجيز مثله)، وعلّمت في مدارس المشايخ كما علّمت في مدارس الشباب. وكان من أسباب توفيقي ثلاث، أوصي بها من أراد أن يكون معلّماً ناجحاً:

أولها: استيعاب المادّة التي يدرّسها والإحاطة بها، والرجوع إلى كلّ كتاب يصل إليه من كتبها، لا يقتصر على الكتاب المقرَّر. أما في الجامعة فلا يجوز أبداً أن يُقرَّر للطلاب كتاب بعينه لا يرجعون إلاّ إليه ولا يأخذون إلاّ منه، ومن يفعل ذلك من الأساتذة يكن معلّم مدرسة ابتدائية لا أستاذاً في جامعة.

الثاني: أن يسلك إلى إفهام الطلاّب كل سبيل، فإن ساق المسألة بعبارة لم يفهموها بدّل العبارات حتى يصل إلى العبارة التي يستطيعون أن يفهموها، وما دامت مسائل العلم في ذهنه وكلمات اللغة بين يديه سَهُلَ ذلك عليه.

لمّا جاءتنا هذه الرياضيات الحديثة نقل بعضُ الأساتذة منّا ما قاله فيها غيرنا، فما فهمنا عنهم وما أحسب أنهم هم فهموا ما نقلوا، فجاء أخي الدكتور عبد الغني فشرحها في كتابه الذي وضعه لطلابه في جامعة دمشق من أكثر من عشرين سنة، فإذا هي

<<  <  ج: ص:  >  >>