للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين شهادة الكفاءة (١) سنة واحدة.

وكذلك ترون أن الذي يختاره الله لعبده خيرٌ له مما يختاره العبد لنفسه، فلو لم يبعث الله الشيخ أحمد (رحمه الله) ينازعني الدرس فيجعلني أعود إلى الدراسة لبقيت معلّم مدرسة ابتدائية، بلا شهادة في يده ولا أمل بالترقّي أمامه.

ولمّا نلت شهادة الكفاية رأى عمي الشيخ عبد الوهاب أن أتعلّم المحاسبة، وكنا نسمّيها «حساب الدوبيا» (أي «الطريقة المزدوجة») لأننا نقيّد كل رقم مرتين، مرة في دفتر الصندوق ومرة في دفتر البضائع أو دفتر الذمم الذي تُقيّد فيه حسابات العملاء. وكانت هناك الطريقة المفردة وتسمّى الأميركية، أمّا الأولى فتُدعى الإيطالية.

وتعلمت الدوبيا، أو المحاسبة، على أقدر محاسب يومئذٍ في دمشق وهو السيد كامل بكر، تلميذ أبي الوفيّ الرضيّ الخلق الذي تُوفّي أبي في داره. وحضر معي هذه الدروسَ بعضُ الإخوان منهم السيد نظمي المجتهد، ولم أرَه من تلك الأيام أي من سنة ١٩٢٥. وكنا نتخذ دفاتر كدفاتر التجّار ونعمل الموازنات السنوية (البلانشو، وهي البالانس بالفرنسية) ولا تزال هذه الدفاتر عندي في دمشق ولا أزال عارفاً بقواعد المحاسبة وأصولها، وإن كنت يومئذٍ (وكنت قبله ولا أزال إلى الآن) أجهلَ الناس بالحساب وأشدَّهم ضيقاً به وكرهاً له.


(١) ولقد اقترحت من قديم أن تُدعى شهادة «الكفاية» لأنها تشهد لحاملها بأنه رجل كفيّ، ثم إنه قد يكتفي بها، وكلمة «الكفاءة» لا معنى لها هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>