للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذت صديقي أنور العطار رحمه الله (وكان يمشي معي حيثما مشيت) وذهبنا إلى جميل بك رحمة الله عليه، فقلت له: أتحبّ أن تعمل عملاً يرضى به عنك الله ويحمدك به الناس؟ قال: نعم. وكنت أعرفه من قديم عن طريق خالي مُحِبّ الدين الخطيب لمّا كان متصرفاً (أي محافظاً) لمنطقة حمص، أعرفه مسلماً متمسكاً بإسلامه. فلما قال نعم قلت: تُبطِل هذا كله، وتأتي بشيخ القرّاء يفتتح الاحتفال بآيات من كتاب الله، ثم أُلقي أنا كلمة وأنور قصيدة، فيكون من ذلك احتفالٌ خالٍ من تلك المنكَرات.

قال: إن الناس لا يرضون بغير قراءة المولد. وأنا أريد الإصلاح ولكن لا أستطيع أن أثير الناس وأن أُغضِب الرئيس. قلت: فليقرأ الشيخ الكزبري التعطيرة الأخيرة من المولد المعتاد، ثم يُنشِد السيد توفيق المنجّد قصيدة نختارها نحن له في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام لا يكون فيها شيء يخالف الإسلام.

ولست أريد الآن أن أتكلم عن هذه الحفلة وما كان فيها، ولعلّي أعود إليها فأتكلم عنها. وقلت في آخر خطبتي في هذه الحفلة (وقد نُشرَت في الرسالة):

لقد بدا لنا النور ودنَت الأماني، ولاحت أعلام الوحدة ودُقّت طبولها. وقد طالما هجعنا ومرّت بنا ليالٍ حوالك طِوال فترت فيها الهمم وخَبَت العقول، ولكن وقت النوم انقضى وأذّن مؤذّن النهضة: حي على الفلاح، فنفضنا عن أنفسنا غبار الأحلام ونهضنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>