للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن من شعر الحداثة ما لا تذهب بأوضاره ولا تطهّر صاحبَه منه شلالات نياغارا لو وقف تحتها واغتسل بها.

ودعوني أبالغ في التفلسف فأسأل: ما المستقبل؟ وأين أدركه وأنا إن وصلت إليه صار حاضراً وذهبت أفتّش عن مستقبل جديد أجري وراءه؟ وهذا المعنى يشغل من نفسي مكاناً لذلك ما أفتأ أعود إليه وأتكلم فيه.

* * *

سألت الأستاذ (وقد قلت لكم إنه أكبر مني سناً، وأنا أنسى ما كنت أريد أن أقوله فما بالكم به؟ وأرجو ألاّ تخبروه أني اغتبته، فما أعلنت غيبته ولكن كتبتها في جريدة تصل إلى كل مكان). سألته: هل تعرف دينان؟ قال: كيف لا أعرفها وقد قضيت شهر العسل فيها؟ ولم يقُل إن ذلك كان قبل أن يُقتَل أرشيدوق النمسا فتقوم الحرب العامّة الأولى.

نزلنا من القطار، ولم نقصد شيئاً في دينان مما يقصده السياح ليروه لأن الأستاذ حفظه الله كان قد نسيه، فلم يكن أمامنا إلاّ أن ننتظر عودة القطار. مررنا على الجسر فوق نهر الموز عشرين مرة حتى عجب منا الناس إذ يرون امرأة محجبة، وما عرفوا من قبلُ محجبات إلاّ الراهبات فحسبوها راهبة! والراهبات ربما كُنّ عند بعض الناس غيرَ محبوبات ولكنهن غير مَهينات ولا مزدرَيات، ودينان منعزلة لا يكاد يصل إليها إلاّ قليل من الناس فلا يألف أهلها رؤية الغرباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>