للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عندنا جمعية أعضاؤها من كرام الناس وكبار الأدباء اسمها «جمعية الحمير»، ألّفوها للتسلية وللمزاح، كتبتُ عنها مقالة في الرسالة في أواخر الأربعينيات من هذا القرن الميلادي، وهي في كتابي «مقالات في كلمات» (١).

ومما يعجب له السائح في كراتشي وفي غيرها كثرة الغربان، فهي لا تزال تحوم حول البيوت وتنعب وتخطف ما تصل إليه من الطعام، وهي آلاف مؤلَّفة لا يُدرِكها العدّ، ولم أرَ بلداً أكثر غرباناً من كراتشي إلاّ كلكتا في الهند.

ولست أدري لماذا كان العرب يتشاءمون بصوت الغراب ويرونه دليل الفراق، ويزعمون أنهم يفهمون معنى هذه الأصوات ويسمّونه غراب البين، مع أن الحقّ في قول من قال:

ما فرّقَ الآلافَ بعدَ اللهِ إلاّ الإبِلُ

وما إذا صاحَ غرابٌ في الديارِ احتملوا

وما غرابُ البَينِ إلا ناقةٌ أو جَملُ

وعلى ذكر كَلكُتّا فإني لم أجد مدينة أشدّ كآبة منها. وهي قديمة كبيرة، كان فيها لمّا زرتها من إحدى وثلاثين سنة


= قال: وما عليكم منه؟ ألكم قِبَله دَين فتطالبوه به أو ثأر تريدون أن تدركوه؟ أو كفَلتُ لكم به فإذا غاب طالبتموني بإحضاره؟ قالوا: وكان كثيراً ما يحشو شعره بمثل هذا، ومنه «الشّيفراني» الذي رواه على لسان الحمير. انظر الأغاني ٣/ ١٥٧ (مجاهد).
(١) مقالة «يؤمنون بالحمار» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>