للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التشريعي رقم ٨٠ المؤرَّخ في ٣٠ حزيران (أي يونيو) سنة ١٩٤٧ يقرّر ما يلي: المادة الأولى: يُنتدَب السيد علي الطنطاوي القاضي بدمشق قاضياً بوادي العجم علاوة على وظيفته، ويخصّص مواعيد لدمشق ومواعيد لوادي العجم حسب الدعاوى في كل منهما. المادة الثانية: يُذاع هذا القرار ويبلَّغ من يجب". وتحت ذلك كما هي العادة: نسخة إلى دائرة التفتيش، المكتب الإداري، المحاسبة، النيابة العامة في دمشق، المحكمة الشرعية، الجريدة الرسمية ليُنشر فيها، وزارة المالية.

خصّصتُ لوادي العَجَم (وقصبتُه بلدة قَطَنا) يوماً في الأسبوع، فكنت آخذ معي أهلي فأمضي فيها يوماً أرى فيه الدعاوى في المحكمة، ثم نقصد أحد المتنزَّهات على سفح جبل الشيخ الذي يبقى السنة كلها معتمراً بعمامته البيضاء من الثلج التي تعلو عن البحر نحواً من ثلاثة آلاف متر، نقعد عند نبع من الينابيع (التي لا يُحصيها هنالك العدّ، حتى إن في قرية عرنة وحدها عشرات منها) فنبقى فيها إلى المساء.

ووجدت بين المتقاضين ناساً من قرية زاكية التي كنت معلّماً فيها سنة ١٩٣١ (أو نحوها، فما عدت أذكر الآن)، ووجدت الذين كانوا أطفالاً عندي في المدرسة صاروا رجالاً، وكان منهم طفل صغير أذكر أن اسمه سعد لم يكن يتجاوز عمره لمّا كان في المدرسة ثماني سنين، وكنت أُعجَب بحدّة ذكائه، فوجدته شاباً كبيراً معقوف الشاربَين تبدو عليه ملامح الفتوّة والقوة، فحاول أن يكلّمني كما كان يصنع في المدرسة فتجاهلته وتظاهرت بأني لا أعرفه، ولم أقابل لهفته في الإقبال عليّ إلاّ

<<  <  ج: ص:  >  >>