للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهمّ آمين، فقولوا «آمين» ياأيها القراء واستغفروا له وللفقيد الآخر، واستغفروا الله لأنفسكم وللمسلمين.

ولا تظنوا أني ذهبت إليه أزوره في جدة وفي مكة وفي الطائف وفي الرياض لحاجة لي، لا، ولكن مشيت في حاجات الناس لمّا كانت لي طاقة على المشي فيها، أمّا الآن فقد صرت متقاعداً، وحقّ لي ذلك فأنا أكتب هذه الحلقة عصر يوم الجمعة ٢٣ جمادى الأولى من عام ١٤٠٧، وقد وُلدت فجر يوم الجمعة ٢٣ جمادى الأولى عام ١٣٢٧.

فهذه ثمانون سنة كاملة، ودخلتُ اليوم في الحادية والثمانين. والفقيدان الشيخ حسن والأستاذ عبد الرحمن لم يُكمِلا الخامسة والخمسين، ولو كان لي من الأمر شيء ولو ضمنت حسن الخاتمة لفديتهما بنفسي، لأنهما ولأن أمثالهما أنفع لهذه الأمة مني.

* * *

أنا في كل يوم أودع راحلاً كريماً يحمل معه قطعة من نفسي وحزمة من ذكرياتي، وما الحياة إلاّ مجموعة الذكريات. ولقد قلت من قديم إن المرء يحيا بمنظر الحيّ من سطح داره، ومنعطف الشارع من نافذة غرفته، والمنارة التي يرى ذروتها منها، والوجوه التي ألِف أن يراها، والأصوات التي تعوّد أن يسمعها، فإن نقص شيء منها نقص شيء من حياته هو.

لقد ودعت في المملكة أعزّة كنت أحبهم، منهم من لم يكن يدري بي ولا بحبي لأنه كان في الذروة وأنا على السفح؛

<<  <  ج: ص:  >  >>