للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخلصين واثقين من الإجابة): أين الرجال يامسلمون؟ أين الأبطال؟ أين أرباب الأموال يُمِدّونهم بأموالهم؟ أين أصحاب المقال ينصرونهم ببيانهم وأقوالهم؟ أين الشعراء وما لهم لا يرسلون القصائد التي تهزّ حبّات القلوب؟ ألا يعلمون أن من الشعر وأن من البيان وأن من الخطب ما يبعث الحياة في الصخر الصلد، وما يزلزل الجبال الرواسي، وما يُلهِب أمواج البحر، وما يصنع الأعاجيب وما يجعل من الأمة الواهنة الخاملة أمة تقحم الصعاب وتهجم على الموت؟ فكيف وهذه أمة محمد: البطولة في دمائها، والشجاعة إرث لها، والعزّة من ثمرات إيمانها؟ والنصر معها إن كانت مع الله، ومَن كان مع الله فلا يخشى كبيراً لأن الله أكبر من كل شيء.

أين الشعراء؟ هل شغلهم عن هذا الذي نريد عكوفهم على وصف الغيد، وهذا الخزي الجديد الذي سمّوه شعر «الحداثة» الذي لا يدفع إلى طريق المعالي ولا إلى ذرى المجد؟ إنه شعر «الحدث الأصغر» الذي يدفع إلى دخول الحمّام للاستبراء منه والاستنجاء! كان للجاحظ تعبير عجيب فيمَن أعمى الله بصيرته حين زُيّن له سوء عمله فرآه حسناً وراح يتمدّح به، كان يقول عنه: «إن هذا لا يجيء إلاّ بخذلانٍ من الله».

أوَليس من الخذلان أن القطّ يستر بالتراب ما يخرج منه وهؤلاء يُظهِرونه ويفخرون به؟ أفلا يصحّ فيهم ما قال الجاحظ؟

* * *

أنا لا أتعجل الكلام عن الحج في غير وقت الحج، ولكني

<<  <  ج: ص:  >  >>