للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليست كصورتي اليوم عند قرّاء «المسلمون»، ولا كصورتي في «المدينة» و «رابطة العالَم الإسلامي»، ولا كصورتي في «الرسالة» و «الثقافة»، أو صورتي قبل ذلك في «الأيام» و «النصر» و «فتى العرب» و «ألف باء»، الصحف الشامية التي ماتت كلها.

وأنا أقرأ كتاباتي الأولى فلا أرتضيها الآن، ولكن ما قيمة حكم الإنسان على عمله ومدى صحة تقويمه إياه؟ إن محمد عبدالوهاب يظن أن أغانيه الأولى («يا جارة الوادي» وأخواتها) دون ما جاء به بعد وما يجيء به الآن، مع أن كثيراً من الناس (وأنا منهم) يرون أن أجمل ما غنّاه أغانيه الأولى من أخوات «جارة الوادي».

هذه المحاضرة ممّا لا أرتضيه الآن، ولكني أنقل فقرات منها هنا ليرى القرّاء كيف كنت أكتب في تلك الأيام، ولأن هذه المحاضرة لم تدخل في كتاب من كتبي المطبوعة، بل طبعتها «جمعية الهداية الإسلامية» في ورقات ووزعتها على من حضر المحاضرة لمّا أُلقِيَت من اثنتين وخمسين سنة، فكم من القرّاء كان موجوداً لمّا وُزّعت؟ وكم ممّن كان موجوداً قد احتفظ بها؟

وصفت في المحاضرة حال العالَم قبل مولد الرسول ‘، وكيف انقطع وحي السماء وشاخت دول الأرض، وانزاحت الحضارة العادلة عن أكثر بقاعها، واقتسم العالَمَ الدولتان الكبريان: فارس والروم كما يقتسمه اليوم الروس والأميركان، وقلت: إنه كان يعرض لكسرى الفرس أو قيصر الروم خاطر من الطمع أو يحس من نفسه فضلاً في القوة، فينهض ليقاتل الآخر. يصطرع الملِكان ويغرق الألوف من الناس في دمائهم وتزهق

<<  <  ج: ص:  >  >>