للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في مصر؛ فيها مستشفى الأمراض العقلية)، ثم تمرّ بقربة عَدْرا، وضُمَيْر التي مرّ بها وذكرها المتنبي:

لئن تركنَ ضُمَيراً عن ميامِننا ... لَيحدُثنّ لمن ودّعتُهم ندمُ

ثمّ ترتقي التنايا (الثنايا، وهي ثنيّة العقاب التي هبط منها خالد سيد قُوّاد التاريخ القديم لما جاء من العراق)، ثم تمرّ بالنَّبْك ومنطقة يَبرود، وهي أعلى مصايف لبنان الشرقي، ثم يهبط بك الطريق إلى حمص، وطوله مئة وستّون كيلاً في نهاية كل أربعين كيلاً منها منزل فيه خان أثري ومحطّة للقوافل، وهي القطيفة والنّبك وحسية، وكانت لها مقاصد أخرى هي أنها كانت مراكز اتصال، فكان الرسل يصلون إليها على خيولهم المتعَبة فيجدون خيولاً أخرى مُعَدّة مستريحة فيستبدلونها بخيولهم، وربما سلّموا الرسائل إلى رسل آخرين مستعِدّين فحملوها ونزلوا هم فاستراحوا، فيمشي البريد أبداً ليلاً ونهاراً. وهذه الخانات متصلة من دمشق إلى حلب. وعندنا سلسلة من القلاع مبنيّة كلها على تلال صناعية، أكملُها وأجملُها قلعة حلب، وإلى الجنوب منها قلعة حماة وقلعة حمص، ومن حلب إلى الشرق قلعة الموصل وقلعة أربل (أربيل) وقلعة كركوك، وقد تَخرّب بعضها. وقد مررت بها لمّا عدت من العراق، وسيأتيكم خبر ذلك.

وكان عندهم أسلوب آخر للاتصالات السريعة اهتموا به أيام هجوم التتار والمغول: نيران توقد ليلاً إذا كان هجوم، فإذا رآها من في المركز الثاني أوقدوا ناراً مثلها، فينتقل الخبر من العراق إلى الشام في أقصر الأوقات، وفي النهار يجعلون بدل النار دخاناً كثيفاً يُرى من بعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>