للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا شئتم أن تتصوروا كيف كان الحرم فخذوا البناء القديم، وهو باقٍ ظاهر. وكان المطاف حول الكعبة ضيّقاً تُحيط به أعمدة من المعدن تدور من حوله، وكان أمام باب الكعبة مقام إبراهيم وكان بناء صغيراً، والمنبر، وباب بني شَيبة (قوس قائمة وسط الحرم) إلى جنبه بناء زمزم، وأظنّ أنّ المؤذّنين كانوا يقومون فيه للتبليغ. وحول الكعبة مقامات أئمة المذاهب الأربعة، لا أذكر منها إلاّ مقام الحنفية وكان مقابل ميزاب الرحمة، كنت أصعد إلى طبقته الثانية فأصلّي بجوار المؤذّنين وأرى الكعبة وأشاهد المصلّين والطائفين. وكانت عند أبواب الحرم مدارس أو مساجد صغيرة يصلّي الناس فيها، وفي الجهة الشمالية المحكمة، ولم أعُد أدري أين كانت. قابلت فيها الرجل الذي أكبرتُه لفضله وعلمه وما سمعت عن عدله وصلابته في الحقّ، وكان له في الناس ذكرٌ حسن، هو الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ، وكان رئيس القضاة، وهو والد الوزير العالِم الشيخ حسن عبد الله آل الشيخ. وصرت أتردّد عليه مدّة إقامتي في مكّة، أجلس إليه وأستفيد منه.

وكان عند باب السلام مكتبات كثيرة اجتمعتُ فيها بطائفة من أفاضل العلماء والأدباء، منهم من لا يزال الودّ متصلاً بيني وبينه من تلك الأيام كالشيخ محمد سعيد العامودي، ومنهم من ذهب إلى رحمة الله كالأستاذ محمد حسن عوّاد، وأهدى إليّ كتابا صغيراً كان اسمه -على ما أذكر- «خواطر مصرحة» وأهديت إليه كتاب «أبو بكر الصديق» و «التحليل الأدبي» و «بشار ابن برد»، وكل ذلك من بواكير الشباب مني ومنه. ومنهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>