للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن إبراهيم، وهو رجل عبقري كتبت عنه كثيراً وكنت أنا والشيخ ياسين الرواف ضيفَين عليه في داره مدّة إقامتنا في المدينة. فطمأنَنا بأننا سنجدها حيث سقطت منّا، فلما رجعنا ومررنا بالمكان الذي قدّرنا أنها سقطت فيه لم نجدها، فقال الرجل الذي أرسله الأمير معنا: إذا كنتم قد فقدتموها هنا فإنكم ستجدونها. وجعل يدور معنا ويتلفت، فرأى في الرمل الناعم المتموج بقعة عالية فأدخل يده فيها، فإذا الحقيبة قد غطّاها الرمل وهي على حالها. ولم تكن ترى وقت إقامة الصلاة أحداً يمشي في الطريق، كان الناس كلهم في المساجد. أمّا سبب هذا الأمان العجيب فهو إقامة حدود الله وتنفيذ شرعه، وهاكم فقرات من مقالة لي نُشرت في الرسالة سنة ١٩٣٥:

سمعت وأنا في مكّة أن أمراً سيقع بعد صلاة الجمعة (آخر محرم ١٣٥٤هـ) فجعلت أراقب وأنتظر، لا أحب أن أسأل أحداً كيلا تفوتني لذّة المفاجأة. حتى إذا قُضيت الصلاة ابتدر الناس أبواب الحرم يستبِقون إلى شارع الحكومة، وهو في أسفل «أَجْيَاد»، يمتدّ من شمال الصفا حتى يجاوز باب إبراهيم. فلم تكن إلاّ هنيّات حتى امتلأ بالناس ولم يبقَ فيه مَوطئ قدم، فجعلت أزاحم الناس لأخلص إلى الساحة فلا أتقدم خطوة ... ويئست وهممت بالعودة إلى الحرم، فإذا بالشيخ يوسف ياسين فتعلقت به وقلت: لا أدعك حتى تبلغ بي الساحة. وقادوني إلى غرفة أُعدّت للأمير فيصل ابن الملك ونائبه على الحجاز، فوقفت في النافذة بين فتية من آل بيته، فيهم ابن له في نحو الثانية عشرة من العمر، ما رأيت في لِداته أثقب منه ذهناً ولا أصحّ جواباً ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>