للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السجدة الأولى]

ثم شرع له أن يكبر ويخر ساجدًا، ويعطي في سجوده كل عضو من أعضائه حظه من العبودية فيضع ناصيته بالأرض بين يدي ربه مسندة راغمًا له أنفه خاضعًا له قلبه، ويضع أشرف ما فيه وهو وجهه بالأرض ولا سيما على التراب معفرًا له بين يدي سيده راغمًا له أنفه مخضعًا له قلبه وجوارحه، متذللا لعظمته، خاضعًا لعزته مستكينًا بين يديه، أذل شيء وأكسره لربه تعالى مسبحًا له بعلوه في أعظم سفوله، قد صارت أعاليه ملوية لأسافله ذلاً وخضوعًا وانكسارًا وقد طابق قلبه حال جسمه، فسجد القلب كما سجد الوجه، وقد سجد معه أنفه ويداه وركبتاه ورجلاه.

وشرع له أن (يقل) (١) فخذيه عن ساقيه، وبطنه عن فخذيه، وعضديه عن جنبيه، ليأخذ كل جزء منه حظه من الخضوع ولا يحمل بعضه بعضًا.

فأحرى به في هذه الحال أن يكون أقرب إلى ربه منه في غيرها من الأحوال كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» (٢).


(١) يقل: يرفع النهاية لابن الأثير (٤/ ١٠٤).
(٢) هذا الحديث رواه أبو هريرة، وقد أخرجه مسلم كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود (١/ ٣٥٠).

<<  <   >  >>