للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأنصار، أهل المواساة والإيثار، أعزُّ قبائل العرب جارًا، واتَّخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - دارهم أمنًا وقرارًا، الأعفَّاء الصُّبر، والأصدقاء الزهر، الذين {تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩].

فمن انطوت سريرته على محبتهم، ودان الله تعالى بتفضيلهم ومودَّتهم، وتبرَّأ ممَّن أضمر بغضهم؛ فهو الفائز بالمدح الذي مدحهم الله تعالى به فقال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: ١٠].

إنَّهم الصحابة - رضي الله عنهم - الذين تولَّى الله شرح صدورهم فأنزل السكينة على قلوبهم، وبشَّرهم برضوانه ورحمته فقال: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ} [التوبة: ٢١].

جعلهم الله خير أمةٍ أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويطيعون الله ورسوله، فجعلهم مثلًا للكتابين؛ لأهل التوراة والإنجيل، خير الأمم أمَّته، وخير القرون قرنه، يرفع الله من أقدارهم؛ إذ أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمشاورتهم؛ لما علم من صدقهم، وصحة إيمانهم، وخالص مودَّتهم، ووفور عقلهم، ونبالة رأيهم، وكمال نصيحتهم، وتبيُّن أمانتهم، رضي الله عنهم أجمعين» (١).

«فكلُّ خير فيه المسلمون إلى يوم القيامة؛ من الإيمان والإسلام، والقرآن والعلم، والمعارف والعبادات، ودخول الجنة والنجاة من النار،


(١) الإمامة والرد على الرافضة (٢٠٩ - ٢١١).

<<  <   >  >>