للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنَّه لخليقٌ والله ونحن نقرأ هذه الموعظة النبويَّة ثم الصِّدِّيقيَّة- أن نكون من أسرع الناس للقيام بشعيرة الاحتساب حسب القدرة والطاقة؛ حتى لا نهلك، أو تغرق سفينة مجتمعنا.

• وعن زيد بن أسلم، عن أبيه قال (١):

رأيت أبا بكرٍ - رضي الله عنه - آخذًا بلسانه يقول: «هذا أوردني الموارد».

الله أكبر! هذا كلام الصِّدِّيق عن لسانه، فماذا نقول نحن؟! ولك أن تتصوَّر- أخي القارئ - ما هي الكلمات التي خشي منها أبو بكرٍ؟ وما الكلام الذي جعله يقول مثل هذا الكلام؟! إنَّها خشية الله، التي جعلته يفكِّر في كلامٍ مباحٍ قاله ولا حاجه له، أو قال كلامًا في غير موضعه اجتهادًا وتأوُّلًا!

أما والله، إنَّا لأحقُّ بهذه الكلمة من الصِّدِّيق - رضي الله عنه -! ونحن الذين نتكلَّم أكثر مما نعمل، وقلَّ أن نسلم من الغيبة، فإن سلمنا منها لم نسلم من استماعها والسكوت عنها!

• وقال الصِّدِّيق - رضي الله عنه - (٢):

«بلغنا أنَّه إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين أهل العفو؟ فيكافئهم الله تعالى بما كان من عفوهم عن الناس».

إنَّ من أعظم المواعظ العمليَّة في حياة الصِّدِّيق - رضي الله عنه - في باب العفو - أنَّه حين أقسم أن يقطع النفقة عن ابن خالته مسطح بن أثاثة - رضي الله عنه -


(١) الزهد؛ لأحمد بن حنبل (ص٩٠).
(٢) مسند الصديق (ص٧٣)؛ لأبي بكر المروزي.

<<  <   >  >>