للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصيٍّ، قال عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ لكلِّ نبيٍّ حواريًا، وحواريَّ الزُّبير) (١)، شهد بدرًا والمشاهد كلَّها، وشهد له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالشهادة وهو حيٌّ؛ فقال حين كان على جبل حراءٍ فتحرَّك: (اسكن حراء؛ فما عليك إلَّا نبيٌّ، أو صدِّيقٌ، أو شهيدٌ)، وكان عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكرٍ، وعثمان، وعليُّ، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقَّاصٍ - رضي الله عنه - (٢).

وفضائله ومناقبه كثيرةٌ، وقد مات شهيدًا مغدورًا به من البغاة الخوارج سنة ستٍّ وثلاثين، وعمره سبعٌ وستُّون سنة، وقيل غير ذلك (٣).

• والمنقول من وعظه قليلٌ، ومنه قوله (٤):

«من استطاع أن تكون له خبيئةٌ من عملٍ صالح، فليفعل».

يا لها من موعظةٍ بليغةٍ، ووصيَّةٍ فذَّةٍ! ذلك أنَّ الأعمال الصالحة لا تقبل إلا بإخلاص العمل، ولمَّا كان الإخلاص يحتاج إلى مجاهدةٍ، خاصةً إذا كان العمل كبيرًا، والأثر عظيمًا، والإنسان كثير الخلطة للخلق؛ لذا كان السلف - ومنهم الزبير - يوصون بمثل هذه الوصيَّة، وهي أن يكون للإنسان خبيئة عملٍ صالحٍ، لا يطلع عليها إلا الله تعالى؛ فإنَّ الإخلاص ما خالط عملًا إلا عظَّمه، ولأنَّ اطِّلاع الناس على العمل - وإن لم يسارع له العبد -له ضريبته من جهة حاجته إلى الإخلاص، والبعد عن حظِّ النفس، والرغبة في ثناء الخلق.


(١) البخاري ح (٢٦٩١) واللفظ له، مسلم ح (٢٤١٥)، ويُنظر: تاريخ الإسلام (٣/ ٥٠٢): الحواريُّ: الناصر، وقال الكلبيُّ: الحواريُّ: الخليل، وقال مصعبٌ الزبيريُّ: الحواريُّ: الخالص من كلِّ شيءٍ.
(٢) مسلم ح (٢٤١٧).
(٣) منتهى السول (١/ ٦٠٢).
(٤) الزهد؛ لأحمد (ص١١٩).

<<  <   >  >>