للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (١):

«ما دمت في صلاةٍ فأنت تقرع باب الملك، ومن يقرع باب الملك يُفتح له».

ومن هو الملك الذي نقرع بابه في كلِّ صلاةٍ؟ إنَّه ربُّ العالمين، الذي بيده خزائن السموات والأرض!

إنَّه الله الذي بيده صلاح القلوب والأحوال!

لكنَّ الله تعالى - لحكمةٍ بالغةٍ - قد يؤخِّر إجابة دعوة الدَّاعي، فيحصل له من الخير في هذا التأخير ما لا يتأتَّى له لو قضيت حاجته بسرعةٍ! فيحصل له من الإخبات والإنابة، ولذَّة مناجاة خالقه، وغير ذلك من المصالح القلبيَّة ما لم يخطر له على بالٍ!

ومن أدمن القرع، يُوشك أن يُفتح له، لكن ما هي حقيقة هذا الفتح؟ أهي واجبة الدعاء فحسب؟ لا، ولكن قد يدفع الله عنه شرًّا أعظم، أو يدَّخر الله له ذخرها يوم القيامة، وأقلُّ المكاسب -وما هو بالقليل - أن يكتب الله لك أجرها، تجده أحوج ما تكون؛ إذا كانت الحسنة بالدُّنيا كلِّها، يوم يقرأ كلُّ عاملٍ ما قدَّم.

ومن أعظم الفتوح التي يعطاها الدَّاعي: أن يحبِّب الله له مناجاة ربِّه، والتلذُّذ بدعائه، والأنس بالقرب منه، فتلك التي لا يعادلها نعمةٌ، ولا فوقها مصيبةٌ حين يفقدها العبد بعد ما وجدها.


(١) صفة الصفوة (١/ ١٥٦).

<<  <   >  >>