للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاؤوا بسبيكةٍ ذهبيَّةٍ بحجم الكرة الأرضيَّة، لم تنفعهم ولم تنقذهم من العذاب! بينما لو جاؤوا بـ (لا إله إلا الله) لنفعتهم، فتبيَّن بهذا أنَّ هذه الكلمة التي ينطقها الطفل الصغير -من أطفالنا -خيرٌ من سبيكةٍ ذهبيةٍ بحجم الكرة الأرضية! بل أعظم!

ولهذا كان نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - حريصًا أن يسمعها من عمِّه أبي طالبٍ، ولكن سبق القدر بموته على الكفر، ولله الحكمة البالغة، والمشيئة النافذة!

ألا ما أحوجنا -ونحن في عصرٍ كثرت فيه الشكوى من المنغِّصات -أن نستذكر هذه الموعظة من ابن مسعودٍ: «والله الذي لا إله غيره، ما يضرُّ عبدًا يصبح على الإسلام ويمسي عليه ما أصابه من الدُّنيا»، فالدُّنيا أمدها قصير، وعُمْر أحدنا فيها أقصر من أن نملأه بالمنغِّصات؛ ولهذا كان الإمام أحمد رحمه الله يسلِّي نفسه بنحو هذا المعنى فيقول: «إذا ذكرت الموت، هان عليَّ كلُّ أمر الدُّنيا، إنما هو طعامٌ دون طعامٍ، ولباسٌ دون لباسٍ، وإنَّها أيامٌ قلائل!» (١).

• ومن مواعظ ابن مسعود - رضي الله عنه - الزهديَّة (٢):

«الدُّنيا كلُّها غمومٌ، فما منها من سرورٍ، فهو ربحٌ».

ومنطلق ابن مسعودٍ في هذا عددٌ من الآيات القرآنيَّة؛ منها قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: ٤]، وقوله تعالى عن أهل الجنة -وهم يتحدَّثون بنعمة الله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ٣٤]، وغيرها من الآيات.


(١) سير أعلام النبلاء (١١/ ٢١٥).
(٢) السيرة الحلبية (١/ ٣٩٧).

<<  <   >  >>